للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: تقدمت ولما أستفق "مثلا" فجئت قبورهم بداء ولما أكن سيدا قبل ذلك ... أما المضارع المجزوم "بلم" فلا يصح حذفه إلا في الضرورة -كما سبق.

٢- وجوب امتداد الزمن المنفي بها إلى الزمن الحالي امتدادا يشملهما معا، وذلك بأن كون المعنى منفيا في الزمن الماضي وفي الزمن الحالي أيضا من غير اقتصار على أحدهما، نحو: بهرني ورد الحديقة، وأغراني بقطفه، ولما أقطفه، أي: ولما أقطفه؛ لا في الزمن الماضي "قبل الكلام"، ولا في الحال "وقت الكلام" ومثل قول الشاعر يستغيث بمن يحميه من أعدائه:

فإن أك مأكولا فكن أنت آكلي ... وإلا فأدركني، ولما أمزق

يريد: أني لم أمزق في الماضي ولا في الزمن الحالي. أما "لم" فليست ملازمة لهذا إلا في بعض الحالات١ ومن ثم يصح: لم يحضر الغائب ثم حضر الآن، ولا يصح: لما يحضر الغائب ثم حضر الآن، لأن الأولى معناها لم يحضر في الزمن الماضي قبل التكلم، ثم حضر الآن في وقت التكلم، فلا تعارض بين الزمنين. أما الثانية فمعناها: لم يحضر في الماضي ولا في الحال ثم حضر الآن؛ أي: في الحال، وهذا تناقض واضح، إذ من المحال أن يثبت الحضور وينفي في زمن واحد؛ هو الحال٢ ...

٣- أن المتكلم بالمعنى المنفي بها يتوقع زوال النفي -غالبا- عن ذلك المعنى وحصوله مثبتا: أي: ينتظر تحقق المعنى وقوعه -في الغالب- على الوجه الحالي من النفي، فالذي يقول، لما تشرق الشمس، ... يريد: أنها لم تشرق قبل الكلام ولا في أثنائه، لكن من المنتظر أن تشرق. ومن يقول: لما تمطر السماء، يقصد:


١ كما عرفنا في رقم ١ من هامش ص٤١٦.
٢ ومما يختلف في الحرفان أيضا أن الزمن الماضي المنفي بالحرف: "لم"، طويل -على الوجه المشروح في رقم ٢ من هامش ص٤١٥- أما الماضي المنفي الحرف "لما" فقصير غالبا، أي؛ ليس قديم المبدأ؛ فأوله في الغالب ليس بعيدا من آخره المتصل بالحال؛ فلا يصح أن يقال: لما يكن الرحالة مقيما هنا في العام الماضي، ويصح: لم يكن الرحالة ... ، على أن تقدير القصر، والطول، والقدم، والجدة متروك للعرف والمناسبة بين شيئين والموازنة بينهما. ومن العسير وضع تحديد دقيق لهذه الأزمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>