للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْلَمْهُ اللَّهُ} ، وقوله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} ، وقول الشاعر:


= اختلط بغيره؛ كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} وتستعمل في صفات العاقل؛ نحو: تزوجوا ما طاب من النساء، وامتاز بالفضل. وتستعمل في المبهم؛ كأن ترى شبحا من بعد، فتقول: تعال وشاهد ما أرى.
"راجع الأشموني والصبان في بابي الموصول، والجوازم. وقد وفينا الكلام على "من وما" الموصولتين في ج١ ص٢٤٧ م٢٦".
ويرتضي بعض النحاة أن يقال: "من" للعالم، بدلا من العاقل؛ لأن الله يوصف بأنه عالم ولا يقال له عاقل. ولم يتمسك بهذا فريق آخر ... ، وإذا لم تتضمن "من" و"ما" معنى الشرط فليستا بشرطيتين، فقد تكونان موصولتين، أو استفهاميتين ... أو ... أو.... "انظر آخر الهامش رقم ١ من ص٤٢٢".
ويرى أكثر النحاة أن الشرطيتين مبهمتان من ناحية الزمن، بمعنى: أنهما لا يدلان على زمن معين معروف البداية والمقدار، يربط الجواب بالشرط؛ فكل واحدة منهما لا تدل بذاتها على وقت محدد لهذا الربط؛ ففي مثل: من يحسن إلى أشكر له ... أو: ما تزرع تحصد ... لا تدل "من" على مبدأ زمن الشكر، ولا على تحديد مدته، أو توقيتها، ومثلها: "ما" فإنها لا تدل على مبدأ زمن الحصد، ولا على تحديد مدته، أو توقيتها.
وقال فريق آخر: إن كل واحدة منهما قد تفيد -أحيانا- مع اشرط الزمن المؤقت المعين من غير أن تعتبر ولا أن تعرب بسببه ظرف زمان -وكل هذا بشرط وجود قرينة تدل على الزمن؛ من يلمس نارا تحرقه، أي: مدة لمسه النار تحرقه، وقول الشاعر يمدح:
نزور فتى يعطي على الحمد ماله ... ومن يعط أثمان المحامد يحمد ...
أي: يحمد مدة إعطائه أثمان المحامد. وقول الشاعر:
فما تحي لا تسأم حياة، وإن تمت ... فلا خير في الدنيا ولا العيش أجمعا
أي: مدة حياتك لا تسأم حياة..... وقول الشاعر:
نبئت أن أبا شتيم يدعى ... مهما يعش يسمع بما لم يسمع
وأمثلة أخرى متعددة يؤيدون بها رأيهم، وتشهد بصحته وقوته. أما للكثرة فتؤول تلك الشواهد تأويلا لا داعي له، ولا فائدة منه إلا الرغبة في اطراد قاعدتهم، بل إنهم يتركون بعض الشواهد بغير تأويل؛ إذ لا يجدون لها تأويلا مقبولا، ويحكون عليها بالشذوذ. وخير من هذا التكلف الأخذ برأي الأقلية هنا، مع مراعاة ضوابطه وتفصيلاته السالفة.
ملاحظة: في المرجع السابق "ج١ م٢٦ هامش ص٤٢٨ وهو المرجع المذكور في: "ب" السالفة" أن "ما" مثل "من" -كما في الصبان- لفظها مفرد مذكر، ومعناها قد يكون غير ذلك فيجوز في الضمير العائد عليها مراعاة لفظها أو معناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>