للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويكثر وقوع "ما" الزائدة بعد "إن" الشرطية فتدغم فيها النون نطقا وكتابة؛ كقوله تعالى في الوالدين: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} ، وقوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} ١ وتسمى في هذه الصورة: "إن، المؤكدة بماء".

٢- ومنها: "إن، المخففة من الثقيلة"، و"إن" النافية الناسخة، وقد سبقنا في النواسخ ج١، ومعهما "إن" النافية التي لا تعمل.

٣- ومنها: "إن، الشرطية التي لا تجزم". وهذه أضعف الأنواع، وأقلها دورانا في فصيح الكلام. ومن الواجب إغفال أكثر حالاتها٢؛ وعدم استعمالها إلا في بعض الصور.

٤- ومنها: ما اختلف النحاة في نوعه اختلافا مرهقا -نذكره؛ لأنه لا يخلو من فائدة- وهو "إن" في مثل: الحريص -وإن كثر ماله- بخيل. فقيل: وصلية٣، والواو للحال، أي: الحريص بخيل، والحال أنه كثر ماله٤. وقيل شرطية، حذف جوابها. لوجود ما يدل عليه، والواو للعطف على جملة مقدرة، أي: إن لم يكثر ماله وإن كثر فهو بخيل. لكن ليس المراد بالشرط في الجملة حقيقة التعليق؛ لأنه لا تعليق حقيقيا على الشيء ونقيضه معا؛ لما في ذلك من المنافاة العقلية؛ إذ كيف يحدث الجواب الذي هو بمثابة المسبب عن الشرط حين يوجد الشرط وحين يعدم؟ وبعبارة أوضح: كيف ينتج الشرط -وهو بمثابة السبب- نتيجة واحدة لا تختلف باختلاف وجوده وعدمه؟

من أجل ذلك قيل إن معنى "إن" في الجملة السالفة الذكر "التعميم" "لا" "التعليق". ويقولون: إن المحذوف أحيانا قد يكون الواو هي والمعطوف -لا


١ تجدنهم.
٢ إلا ما كان منها دالا على تفصيل من غير أن يجزم، وسيجيء في رقم ٥ من ص٤٣٦.
٣ انظر رقم ١ من هامش الصفحة السابقة.
٤ ومن الأساليب الفاسدة التي تتردد في كلام المولدين قولهم: فلان وإن كثر ماله لكنه بخيل -أو: إلا أنه بخيل.. وقد سبق الكلام على هذه الأساليب في الموضع المناسب "ج١ م٣٣ ص٤٥٠ "و" وأن بعض النحاة المتأخرين حاول تأويل ذلك الأسلوب يصححه، ولكنه لم ينجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>