للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا حكم الجملة الجوابية من ناحية حذفها حذفا غالبا، أو واجبا. أما حذفها جوازا فأشهر صوره اثنتان:

الأولى: أن تقع جملة الشرط جوابا لسؤال؛ نحو: أترشد الغريب؟ فتجيب إن رأيته، والتقدير: إن رأيته أرشده.

الثانية: إن تشعر الجملة الشرطية نفسها -دون سواها- بالجواب المحذوف؛ كقوله تعالى يخاطب الرسول في شأن المعارضين: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} ، والتقدير: فإن استطعت ... فاعل.

٥- امتناع تكرار مدلولها إذا كان مدلول الجملة الشرطية يقتضي التكرار. إلا إن اقتضى العرف التكرار، أو قامت قرينة تدل عليه. ففي مثل: إن أسافر أركب طائرة لا يكون المراد أن ركوبي الطائرة يتكرر بتكرار السفر، وإنما المراد أن سفري سيقتض ركوبي الطائرة مرة واحدة. فإذا تكرار السفر فقد يكون في الطائرة أو في غيرها ... ، بخلاف قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} ، فإن الجواب وهو: الأمر بغسل الوجوه والأيدي وغيرها مما يحتمه الوضوء يقتضي التكرار كل مرة، لدليل شرعي آخر؛ يوجب الوضوء قبل كل صلاة على من ليس متوضئا.

٦- جزم فعلها لفظا إن كان مضارعا، ومحلا إن كان ماضيا١؛ بشرط ألا تقترن به في الصورتين "الفاء" أو "إذا" الفجائية -وهما لمجرد الربط طبقا، لما سيأتي-٢ كقول الشاعر يصف الحساد:

إن يعلموا الخير يخفوه، وإن علموا ... شرا أذاعوا، وإن لم يعلموا كذبوا٣

فالمضارع: "يخفوا" مجزوم بحذف النون وواو الجماعة فاعل والماضي: "أذاع" مبني على الضم لمناسبة الواو في محل جزم. ومثله الماضي: "كذب" ولا محل


١ انظر رقم ٢ من "ج" ص٤٦٨ ولهذا إشارة سبقت في ص٤٢٢.
٢ في هذه الصفحة، والتي تليها.
٣ تقدم هذا البيت لمناسبة أخرى في ص٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>