للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أن الخلاف شكلي محض. إذ مؤداه في الرأيين التأويل بالحذف، وإن اختلفا في نوع المحذوف. والتمحل ظاهر في تأويل الآية الأولى، وفي الحكم على الحديث بالندرة، لوجود شواهد أخرى فصيحة نثرية -لا تخضع للضرورة- وغير نثرية. فالأفضل أن يقال: إن الأعم الأغلب هو عدم حذف "الفاء" و "إذا" التي قد تنوب عنها، وأنه يصح -مع القلة النسبية، لا الذاتية- الاستغناء عنهما منفردين ومجتمعين، إن كانت أداة الشرط هي: "إن"١ ...

ويقول أبو حيان وفريق من النحاة إن "إذا" الشرطية قد تنفرد بخلو جوابها منهما إذا كان الجواب منفيا بإن، أو: ما، أو: لا. وجعل منه قوله تعالى: {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} -كما سبقت الإشارة لهذا٢.

ج- هل يصح أن يقترن الجواب بالفاء في غير تلك المواضع التي لا يصلح فيها أن يكون فعل شرط؟

أجابوا:

١- إن كان فعل الجواب مضارعا يصلح فعلا للشرط جاز: إما تجرده من "الفاء" مع وجوب جزمه، وإما اقترانه "بالفاء"٣؛ بشرط أن يكون مثبتا أو منفيا ب"لا"، قيل: أو "لم" أيضا، "ففي "لم" خلاف"، ومتى اقترنت "الفاء" به وجب رفعه على اعتباره خبر مبتدأ محذوف، والجملة الاسمية جواب الشرط. ولا يصح أن يكون المضارع المرفوع وحده هو الجواب: إذ لو كان الواب لوجب جزمه، والحكم بزيادة الفاء زيادة مطلقة، يراعى فيها تقدير سقوطها. لكن العرب التزمت رفعه معها؛ فدل هذا على أصالة الفاء، وأنها داخلة على مبتدأ مقدر، وليست زائدة للربط. ومن أمثلته قوله تعالى: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} ، أي: فهو لا يخاف..


١ لأن أكثر الأمثلة المسموعة الخالية منها كانت أداة الشرط فيه هي: "إن".
٢ في النوع الخامس -ص٤٦٠.
٣ انظر ما يتصل بهذا في رقم ١ من هامش ص٤٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>