للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- ما يختص بهما من ناحية عطف مضارع على أحدهما:

أ- إذا وقع بعد جملة الجواب -ولو كانت اسمية؛ لأنها في محل جزم- مضارع مقرون بالواو أو الفاء، جاز فيه ثلاثة أوجه إعرابية؛ يختار منها المتكلم والمعرب ما يناسب السياق، ويساير معنى التركيب١.

أولها: اعتبار "الواو" و"الفاء" حرفي استئناف؛ فالجملة بعدهما استئنافية مستقلة في إعرابها عما قبلها، والمضارع فيها مرفوع - إن كان مجردا من ناصب وجازم، ومن نوني التوكيد - ومن الأمثلة قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ، برفع المضارع، "يغفر" بعد فاء الاستئناف، وقوله تعالى: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} ، برفع المضارع: "يذر" بعد واو الاستئناف، وقول الشاعر يمدح:

فإن يهلك أبو قابوس٢ يهلك ... ربيع الناس والبلد الحرام

ونأخذ بعده بذناب٣ عيش ... أجب٤ الظهر، ليس له سنام

برفع المضارع: "نأخذ" بعد واو الاستئناف.

ثانيها: اعتبار الفاء للسببية والواو للمعية -وهما عاطفان أيضا مع السببية والمعية- والمضارع بعدهما منصوب "بأن" مضمرة وجوبا "بالتفصيل الذي سبق إيضاحه عند الكلام على فاء السببية، واو المعية"٥. كالأمثلة التي سبقت في الوجه الأول، ولكن بعد نصب الأفعال المضارعة: يغفر -يذر- نأخذ.


١ كل وجه من هذه الثلاثة يقوم على اعتبار معنوي خاص به، يخالف الآخر، وواجب المتكلم والمعرب اختيار الوجه الإعرابي الذي يقوم على الاعتبار المناسب للسياق، ولما يقتضيه المعنى. ومن الخطأ الزعم أن هذه الأوجه الثلاثة تصلح لكل أسلوب، وتباح في كل تركيب بغير تفيد بهذا الاعتبار المعين الخاص، وإلا صارت اللغة فوضى بسبب محو القيود، أو إهمالها، وإهمال الاعتبارات التي تميز المعاني بعضها من بعض.
٢ هو النعمان بن الحارث الأصغر.
٣ ذنب، عقب.
٤ مقطوع. يريد: لا ظهر له ولا سنام، لضعفه وهزاله. فلا خير فيه.
٥ في ص٣٥٢ ٣٧٥. وهامشهما. وقالوا في سببه: إن الذي سوغ وقوعهما للسببية والمعية هنا، دون أن يتحقق شرط إضمار "أن" بعدهما وجوبا؛ -وهو النفي المحض، والطلب المحض، وما ألحق =

<<  <  ج: ص:  >  >>