للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثها: اعتبارها حرفي عطف مجردين له -فلا يفيدان سببية ولا معية- والمضارع بعدهما مجزوم؛ لأنه معطوف على جواب الشرطح فإن كان جواب الشرط مضارعا مجزوما مباشرة، فالمضارع المعطوف مجزوم مثله، وإن كان فعل الجواب ماضيا فهو مجزوم محلا، والمضارع المعطوف مجزوم لفظا، مراعاة لمحل المعطوف عليه. وكذلك إن كان الجواب جملة اسمية أو فعلية: فإنها تكون في محل جزم، والمضارع المعطوف عليها مجزوم لفظا تبعا لمحلها. كالأمثلة التي سبقت في الوجه الأول، ولكن بعد جزم الأفعال المضارعة: يغفر -يذر- نأخ، وكقول الشاعر:

ومن يتتبع -جاهدا- كل عثرة ... يجدها؛ ولا يسلم له -الدهر- صاحب

والكوفيون يجعلون "ثم" كالواو في الأوجه الثلاثة السالفة١؛ فكلاهما إما للاستئناف، وإما للعطف الخالص، وإما للعطف مع المعية ...

ب- وإذا وقع المضارع المسبوق بأحد الأحرف السالفة بعد الجملة الشرطية مباشرة، متوسطا بينها وبين الجملة الجوابية، فأكثر النحاة يجيز فيها وجهين؛ يختار منهما المتكلم والمعرب ما يناسب السياق.

أحدهما: اعتبار هذه الأحرف للعطف المجرد، والمضارع بعدها مجزوم؛ لأنه معطوف بها على فعل الشرط المجزوم لفظا أو محلا؛ كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} ، ومثل؛ من يتكلم فيسرف


= بهما، مما شرحناه في مكانه- أن جواب الشرط قبلهما غير متحقق الوقوع؛ فمثله مثل النفي أو الطلب وملحقاتهما. فهم يريدون إرجاع النصب هنا إلى استيفائهما شرطهما من الوقوع بعد النفي أو الطلب تأويلا. ولكن السبب الحق هو الاستعمال العربي الذي نصب المضارع بعدهما مع عدم تحقق الشرط الأصلي. ومما تجب ملاحظته أن الأخذ بهذا الوجه وجعلهما للمعية والسببية إنما هو اختياري محض أمره للمتكلم يختاره، أو يختار غيره على حسب الاعتبار المناسب للسياق. لكن إذا اختارهما للسببية والمعية وجب نصب المضارع بأن، ووجب أن تكون مضمرة. فالاختيار جائز، ولكن النتيجة المترتبة على حتمية.
١ وفريق آخر يزيد على أحرف العطف السالفة حرف العطف: "أو"، ورأيه ضعيف كرأي الكوفيين هنا؛ لضعف الشواهد التي يحسن عدم القياس عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>