للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النادر تجردها منهما إن لم يطل١ الكلام بعد القسم؛ كقول أبي بكر في نزاع بينه وبين عمر رضي الله عنهما، "والله أنا كنت أظلم منه". فإن استطال الكلام بعد القسم حسن التجرد؛ كقول ابن مسعود: "والله الذي لا إله غيره، هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة". وقول الشاعر:

ورب السموات العلا وبروجها ... وأرض وما فيها المقدر كائن

ولا يصح اقتران الجملة الجوابية بالحرف: "إن" إذا كانت مصدرة بحرف ناسخ من أخوات

"إن"؛ كقول بعضهم في مدح رجل: والله لكأن القلوب والألسن ريضت له؛ فما تعقد إل على وده، ولا تنطق إلا بحمده.

فإن كانت الجملة الاسمية منفية فحكمها حكم الجملة الفعلية المنفية "بما"، أو "لا"، أو "إن" من وجوب تجريدها من اللام والاقتصار في نفسها على أحد هذه الحروف الثلاثة دون غيرها -كما سبق.

من كل ما سبق يتبين أن الجواب المنفي -في جميع أحواله- لا يتطلب زيادة شيء إلا أداة النفي قبله، مع اشتراط أن تكون إحدى الأدوات الثلاث السالفة؛ سواء أكان الجواب جملة فعلية أم اسمية.

والآن نعود إلى الكلام على اجتماع الشرط والقسم والاستغناء بجواب أحدهما عن الآخر.

أ- إذا اجتمع شرط غير امتناعي٢، وقسم فالأصل أن يكون لكل منهما جواب، غير أن جواب أحدهما قد يحذف اكتفاء بجواب الآخر الذي يغني عنه، ويدل عليه. ولهذا الحذف صور منها:

١- أن يجتمع الشرط غير الامتناعي والقسم مع تأخر الشرط، وعدم وجود شيء قبلهما يحتاج إلى خبر٣، وفي هذه الصورة يحذف -في الأرجح- جواب المتأخر منهما -وهو الشرط- نحو: والله من يراقب ربه في عمله لا يخاف


١ عدم إطالته: ألا يذكر بعده تابع، أو شيء آخر يتصل به.
٢ الشرط الامتناعي: ما كانت أداته دالة على الامتناع؛ وهي: لو، ولولا، ولوما.
٣ كالمبتدأ، وكالناسخ؛ فكلاهما يحتاج إلى خبر، أو ما يسد مسد الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>