للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا. فالمضارع "يخاف" مرفوع؛ لأنه في جملة جوابية للقسم المتقدم، وليس جوابا للشرط المتأخر، المحذوف الجواب. إذ لو كان هو الجواب لتحتم جزمه١، فقيل: يخف. ومثله قول الشاعر:

لئن ساءني أن نلتني بمساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالكا

فالجملة الفعلية: "سرني" جواب للقسم الذي تدل عليه "اللام" الأولى لتصدير هذه الجملة "باللام وقد" معا، وليست جوابا للشرط المتأخر عن "لام" القسم؛ لأن الشرط لا يكون جوابه مقترنا "باللام وقد". فجوابه هنا محذوف. كحذفه في البيت السالف، وهو:

لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني ... إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج

فالجملة الاسمية المصدرة بالحرف الناسخ "إن" هي جواب للقسم، إلا للشرط؛ إذ لو كانت جوابا للشرط لاقترنت بالفاء.

أما عندهم تقدم الشرط فالأرجح أن يكون الجواب له وجواب القسم محذوف؛ فنقول: من يراقب ربه والله يخشه الناس. وقول أحدهم: إن يكن والله لي نصف وجه ونصف لسان - على ما بهما من قبح منظر، وسوء مخبر -يكن هذا احب من أن أكون ذا وجهين.

ومن وصفناه بأنه الأرجح في الحالتين يراه كثير من النحاة واجبا لا يصح مخالفته٢ ...


١ ومثل هذا يقال في المضارع المرفوع المنفي "بلا" في قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} فالمضارع -يأتون- مرفوع؛ لأنه جواب القسم، لا جواب الشرط.
٢ ويقولون لا فرق في القسم بين أن يكون مذكورا، أو مقدرا. ويستدلون للمقدر بقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} لأن سقوط الفاء من صدر الجملة الاسمية: {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} دليل على أنها ليست جوابا للشرط؛ إذ لو كانت جوابا له لوجب اقترانا بالفاء؛ طبقًا للقاعدة الخاصة بهذا الاقتران "وقد سبق الكلام عليها في "٨" من ص٤٥٨" وهو تعليل واهن أمام التعليل الآخر الذي يقول إن الفاء قد تسقط قبل الجملة الاسمية وغيرها مما يحتاج إلى اقترانه بالفاء أو بما ينوب عنها.
- وقد سبقت التفصيلات الخاصة بهذا في: "ب" من ص٤٦٥.
هذا، وفي رقم ١ من هامش ص٤٥٨ مسألة تختص بحكم مجيء لام القسم بعد "إن الشرطية" واستحسان أو استقباح دخولها على الجواب ...

<<  <  ج: ص:  >  >>