للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستثنى مما سبق أن يتأخر القسم وقبله الفاء الداخلة عليه مباشرة، فإن الجواب يكون له برغم تأخره عن الشرط؛ فنقول في المثال السالف: من يراقب ربه في عمله فوالله يخشاه الناس. فالمضارع "يخشاه" مرفوع، وهو مع فاعله جملة لا محل لها من الإعراب جواب القسم وجملة القسم في محل جزم جواب الشرط.

٢- إن اجتمع الشرط غير الامتناعي، وسبقهما ما يحتاج إلى خبر، فالأرجح أن يكون الجواب للشرط مطلقا، سواء أكان متقدما على القسم أم متأخرا؛ نحو: القوانين والله من يحترمها تحرسه. أو: القوانين من يحترمها والله تحرسه؛ بجزم المضارع: "تحرس" في الصورتين، لأنه جواب للشرط، وجواب القسم محذوف فيهما.

أما غير الأرجح في كل ما تقدم "من ١، ٢ ما عدا القسم المقرون بالفاء" فيعتبر الجواب للشرط غير الامتناعي في كل الحالات، سواء أكان متقدما على القسم أم متأخرا، وسواء أكان قبلهما ما يحتاج إلى خبر أم لم يكن. ومن الأمثلة:

لئن منيت بنا عن غب معركة ... لا تلفنا عن دماء القوم ننتفل١

وقول الآخر:

لئن كان ما حدثته اليوم صادقا ... أصم٢ في نهار القيظ للشمس باديا

فالمضارعان: "تلف" و"أصم" مجزومان مباشرة في جواب "إن" الشرطية، برغم تأخرها وتقدم لام القسم عليها٣ ... ومن الأمثلة أيضا قول الشاعر:

أما والذي لو شاء لم يخلق النوى ... لئن غبت عن عيني فما غبت عن قلبي


١ "منيت بنا": أصبت بنا، وقدر عليك أن تلقانا. "غب": بعد، أو: عقب "لا تلفنا": لا تجدنا. "نتنفل": نتبرأ وننفصل.
يقول لعدوه. لو أصبت بنا بعد المعركة حين يشتد التعب والإرهاق عادة، فلن ترى منا تعبا، ولا إرهاقا، ولا تبرؤا وانفصالا من قتلانا يجعلنا ننصرف، ونترك الأخذ بثأرهم، والانتقام من أعدائهم.
٢ أي: إن كان ما بلغك عني صادقا فإني أعاقب نفسي عليه بالصوم، وبالوقوف باديا للشمس "أي: كشوفا لها" في يوم القيظ، وهو اليوم الشديد الحر "وباديا حال من فاعل: أصم".
٣ والبصريون يحكمون على هذا وأمثاله بالشذوذ، أو بزيادة اللام وأنها ليست للقسم فلا تحتاج لجواب. وكل هذا تكلف وابتعاد عن الواقع. وخير منه ما قاله الخضري: من أن اللام للقسم، وجوابه هو أداة الشرط وما دخلت عليه من جملتيها، وأن لهذا نظائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>