للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الجار مع مجروره في حكم المفعول به، فكأنه منصوب محلا. والفصل في الصورتين واجب؛ إذ لا يصح دخول "أما" على الطلب مباشرة. وقد اجتمع النوعان من الفصل في قول الشاعر:

نزور أمرأ؛ أما الإله فيتقي ... وأما بفعل الصالحين فيأتمي١

هـ- الاسم المعمول لمحذوف يفسره ما بعد "الفاء"، نحو: أما المخترع فأعظمه٢.

و شبه الجملة المعمول لـ"أما" إذا لم يوجد عامل غيرها؛ لما فيها من معنى الفعل الذي نابت عنه، ويصح اعتباره معمولا لفعل الشرط المحذوف. فمثال الفصل بالظرف٣: أما اليوم فالصناعة ثروة. ومثال الفصل بالجار والمجرور: أما في القتال فالسلاح العلم.

ز- الجملة الدعائية بشرط أن يسبقها شبه جملة، نحو: أما الآن -حفظك الله- فأنا مسافر. أو: أما في بلدنا -صانها المولى- فالأحوال طيبة ...

٣- جواز حذفها لدليل؛ ويكثر هذا قبل الأمر والنهي؛ كقوله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} ، والدليل على حذفها فيما سبق هو "الفاء" التي لا مسوغ لها إلا دخولها في الجواب. كما أن التنويع في


١ يأتم ويحاكي.
٢ ومنه قوله تعالى: "وأما ثمودَ فهديناهم" -بنصب "ثمود" في إحدى القراءات.
ويقول كثير من النحاة: إن تقدير العامل واجب بعد الفاء وقبل ما دخلت عليه؛ بحجة أن "أما" نائبة عن الفعل، فكأنها فعل والفعل لا يلي الفعل، وهذا كلام لا يحسن الأخذ به هنا. ولهذه الآية بيان مفيد في الجزء الثاني، باب: "الاشتغال"، م٦٩ عند الكلام على "الاستغال بمعناه العام، ص١٣٤.
٣ ومن أمثلة الفصل بالظرف وقوع الظرف: "بعد" تاليا "أما الشرطية" ويكثر هذا في صدر الخطب، وفي افتتاح الكلام الهام، وبين موضوعاته المتنوعة، الطويلة، فيقال في كل ما سبق: "أما بعد" ... وقد تحذف "أما" وتجيء الواو بدلها؛ فيقال: "وبعد"، مثل قول الخطيب: "بسم الله، والحمد لله. "وبعد" فإن لكل مقام مقالا ... ".
أما إعراب هذا الظرف، وحكم الفاء بعده فمدون تفصيلا عند الكلام عليه في ج٢ م٧٩ ص٢٦٥ -باب: الظرف، وكذلك في ج٣ باب: الإضافة عند الكلام على الألفاظ الملازمة في الغالب للإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>