للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كلية العلوم ... ١.

ب- كم الخبرية: هي أداة للإخبار عن معدود كثير، ولكنه مجهول الجنس والكمية٢. ومن أمثلتها قولهم: "كم صالح بفساد آخر قد فسد"٣. وما جاء في عتاب صديق لصديقه: "إني

أحفظ ودك، وأرعى عهدك، وأرسم طريقي على الوفاء لك، والصفح عن بوادرك. فكم مرة هفوت فأغضيت، وكم إساءة نالتني فغفرت، وكم إخوان أبعدتهم عنك فقربتهم منك، وأرجعتهم إليك.. فهل تنسى هذا أو تتناساه؟ ".

فكلمة: "كم" وحدها قبل وضعها في شيء من الكلام السابق، مبهمة "أي: لا تدل على حقيقة المعدود وجنسه، ولا على مقداره وكميته"؛ إذ لا يدري السامع المراد: أهو: كم يوم، أم كم رجل، أم كم إساءة ... وكذلك لا يدري: أهو كثير أم قليل ... ، فلما ذكر الاسم المجرور بعدها أزال عنها الإبهام، وكشف الغموض عن المعدود، فبين حقيقته وجنسه، وأوضح كميته بما يدل على أنها كثيرة. فكأنه يقول: مرات كثيرة -إساءات كثيرة- إخوان كثيرون، ومثله قول الشاعر:

وكم ذنب مولده دلال ... وكم بعد مولده اقتراب


١ وفيما سبق من أحوال "كم الاستفهامية" يقول ابن مالك في باب عنوانه: "كم، وكأين، وكذا" ... ما نصه:
ميز في الاستفهام "كم" بمثل ما ... ميزت عشرين؛ ككم شخصا سما؟
وأجز أن تجره "من" مضمرا ... إن وليت "كم" حرف جر مظهرا
والأصل في البيت الثاني: "أن ... " حذفت "همزة أن" للشعر، وانتقلت حركتها إلى الزاي الساكنة قبلها. "مضمرا"، أي: مضمرة. وجعلها مذكرة على نية إرادة: الحرف "من"، غير مريد: الكلمة: "من".
يريد: أنه يصح جر التمييز "بمن المضمرة جوازا إن وقعت كم" بعد حرف جر ظاهر.
٢ الكمية: المقدار الحسابي، أي: ما يدل عليه العدد من أفراد -وما سبق في ص٥٦٨ عن الجنس والكمية في "كم اللاستفهامية" يزيد الأمر وضوحا هنا.
٣ وقول الشاعر:
كم ذكي قد عاش وهو فقير ... وغبي يضفو عليه الثراء

<<  <  ج: ص:  >  >>