للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الواقعة بعده خبرًا للناسخ، وهي: "الناس صنفان" و "شفاء الداء مبذول"١.

ومما يجب التنبه له أن الأساليب السالفة -ونظائرها- لا تكون صحيحة معدودة من الأساليب المشتملة على ضمير الشأن إلا إذا كانت صادرة من خبير بأصول اللغة، مدرك للفروق بين التراكيب، ولأثرها في المعاني المختلفة، وأنه صاغ هذا الأسلوب المشتمل على ضمير الشأن صياغة مقصودة لتحقيق الغرض المعنوي الذي يؤديه.

ولولا هذا لصارت اللغة عبثًا في تراكيبها، ينتهي إلى فساد في معانيها. ولا شك أن حسن استخدام هذا الضمير، وتمييزه من غيره لا يخلو من عسر كبير.

هـ- مرجع الضمير٢:

الضمائر كلها لا تخلو من إبهام٣ وغموض -كما عرفنا٤- سواء أكانت للمتكلم، أم للمخاطب، أم للغائب؛ فلا بد لها من شيء يزيل إبهامها، ويفسر غموضها. فأما ضمير المتكلم والمخاطب فيفسرهما وجود صاحبهما وقت الكلام؛ فهوحاضر يتكلم بنفسه، أوحاضر يكلمه غيره مباشرة. وأما ضمير الغائب فصاحبه غير معروف؛ لأنه غير حاضر ولا مشاهد؛ فلا بد لهذا الضمير من شيء يفسره، ويوضح المراد منه. والأصل في هذا الشيء المفسِّر الموضِّح أن يكون


١ رفع كلمة: "صنفان" وكلمة: "مبذول" وعدم نصبهما -في كلام العربي الفصيح، ومن يحاكيه- دليل على أنهما خبرًا المبتدأ، والجملة في محل نصب خبر كان، واسمها ضمير الشأن، المستتر في الناسخ.
٢ قد يكون المرجع متعددًا -كما سيجيء في ص ٢٦١.
٣ المراد بالإبهام هنا: معناه اللغوي، وهو: الخفاء والغموض، فإن من يسمع: "نحن" -مثلا- لا يدري المدلول كاملًا، أهو: نحن العرب، أم نحن الأدباء، أم نحن الزراع.... وبسبب هذه الشائبة من الغموض، ولا سيما إذا كان الضمير للغائب، ولم يوجد ما يوضحه، وجب الاختصاص -أو غيره- لإزالتها، وللاختصاص باب مستقل يجيء في ج٤.
أما النحاة فيطلقون "الإبهام" على نوعين من الأسماء دون غيرهما، هما: أسماء الإشارة، وأسماء الموصول وله معنى خاص فيهما. وهم يفرقون بين الضمير والمبهم، على الوجه الذي سنبينه في "ج" من ص٣٣٨ ورقم ٣ من هامش ص٣٤٠.
٤ في "د" من ص٢٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>