وإذا كانت "من" موصولة ومعناها هو المفرد المذكر، فهي مثل: "الذي" "ص٣٤٣" إلا أن "من" لا تكون -في أحد الآراء القوية- صفة، ولا موصوفة، بخلاف "الذي"، تقول: رجع الطائر الذي هاجر، وجاء الذي رحل الظريف، فتقع كلمة: "الذي" صفة وموصوفة، بخلاف "من" في ذلك الرأي المخالف- "راجعه في رقم ٤ من ص ٣٥٢ وما يتصل به في رقم ٤ من هامش ص ٣٧٦ط. ٢ "كما سبقت الإشارة في رقم ١ من هامش ص ١٢٥ وفي رقم ٨ من ص ٢٦٦" وإنما يكون الأكثر في الضمير مراعاة لفظها في غير الحالات الآتية: وسيشار إلى بعضها في رقم ٤ من هامش ص ٣٧٦: ١- أن يحصل لبس من مراعاة لفظها، نحو: أعط من سألتك، فلا يجوز من سألك إذا كان المراد أنثى. ب- أن يكون في مراعاة اللفظ وقوع في قبح، نحو، من هي حمراء خادمتك. بمعنى: "من هي حمراء- هي خادمتك" فيجب مراعاة المعنى، فلا يقال: من هو حمراء جاريتك، لكيلا تكون كلمة: "حمراء" المؤنثة خبرا عن الضمير المذكر. وكذلك العكس في نحو: من هو أحمر" "جاريتك"، فلا يقال: من هي أحمر جاريتك، ليكلا يكون الخبر "وهو كلمة أحمر" مذكرا، ولمبتدأ الضمير مؤنثا. وكذلك لا يجوز: من - هو أحمر- جاريتك، لأن المبتدأ والخبر، "هو أحمر" متطابقان في التذكير وهما صلة الموصول، ولكن اسم لموصول "من" مفرد مذكر، وخبره "جارية" مؤنث. ولا مانع من هذا. لولا أن الموصول مع صلته كالشيء الواحد، والصلة هنا متطابقة في التذكير لكن خبر الموصول مؤنث وهو بمنزلة الخبر عن الصلة، فيقع التخالف الممنوع: فكأنك أخبرت عن المذكر بمؤنث. وقد يراعى المعنى كثيرا بعد مراعاة اللفظ، نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} . وقد يراعى اللفظ، ثم المعنى، ثم اللفظ، نحو قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ، وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا، كَأَنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقْرًا، فَبَشّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم} - وستجيء الإشارة لهذا في رقم ١ من هامش ص ٣٧٧. أما مراعاة المعنى أولا، ثم اللفظ فالأفضل اجتنابه.