٢ ليست "أل" هذه هنا للتعريف، في الأشهر، وإنما هي لضرب من إصلاح اللفظ وتزيينه؛ لأن اسم الموصول يتعرف بصلته. وكثير من أسماء الموصول مجرد من "أل" مع أنه معرفة، فتعريفه جاء من صلته، لا من "أل". ولو كانت للتعريف لمنعت من إعمال اسمي الفاعل والمفعول إذا كانا بمعنى الحال أو الاستقبال، إذ تبعدهما -كما يقولون- عن شبه الفعل، وتقربهما من الجوامد؛ لأنها من خصائص الأسماء"، والأصل في الأسماء الجمود، بسبب وضعها للذوات، والجامد لا يعمل، بخلاف الفعل وما يشبهه. لكن يقول شارح المفصل "جـ ٦ ص ٦١" إنها اسم موصول تفيد التعريف مع كونها بمعنى: الذي" - كما سنشير في رقم ١ من هامش ص ٣٧٠ والرأي الأول هو الأنسب. وليست حرف موصول، لأنها لا تؤول مع ما بعدها بمصدر، ولأنها قد تدخل قليلا على الجملة، و "أل" المعرفة لا تسبك ولا تدخل على الجملة. هذا إلى أمور أخرى دعت إلى اعتبارها اسم موصول، أهمها أمران: أولهما: وجود ضمير بعدها لا مرجع له سواها، والضمير لا يعود إلا على اسم، نحو: قد أفلح المؤمن، وخاب الجاحد. ففي كلمة: "المؤمن" ضمير تقديره: "هو" لا مرجع له إلا "أل" التي بمعنى الذي" هنا. وكذلك تقديره في كلمة: "الجاحد" ... وكقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} ..... وقوله: {وَالعَادِيَاتِ ضَبْحَا} ... ففي: "المؤمنون ضمير تقديره: "هم" يعود على "أل" وفي "العاديات" ضمير تقديره: "هي" أو "هن" يعود على أل" ولا مرجع لكل ضمير سوى "أل" ولا يمكن أن يكون اسم الفاعل في ثالأمثلة السابقة وأشباهها خاليا من الضمير لأسباب قوية دونها النحاة، وأثبتوا بها أن أكثر المشتقات ومن هذا الأكثر. اسم الفاعل، واسم المفعول ... يحمل ضميرا مسترا. "كما سبقت الإشارة في رقم ٢ من ص ٢٩". "وللضمير المنصوب العائد إليها حكم خاص يجيء في رقم ٣ من هامش ص ٣٩٦. ثانيهما: أن هذه الأسماء التي دخلت عليها "أل" قد يعطف عليها الفعل أحيانا، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} ..... وقوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} إلى قوله {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} فالفعل: "أقرض" في المثال الأول معطوف على "المصدقين" والفعل: أثار في الجملة الثانية معطوف على "العاديات" والفعل لا يعطف إلا على فعل مثله، أو على ما يشبه الفعل كما سيجيء في جـ٣ باب "العطف" والمعطوف عليه هنا ليس بفعل، فلم يبق إلا أنه يشبه الفعل لأنه أحد مشتقاته.... ومن ثم كانت "أل" الداخلة على المشتقات الصريحة المشبهة للفعل اسم موصول ليعود عليها الضمير من المشتق- وليست حرفا، كما سيجيء، فيمتنع العطف عليه. والمراد هنا بالمشقات الصريحة "أي: الصفات الصريحة": "اسم الفاعل، واسم المفعول، اتفاقا وفي الصفة المشبهة خلاف سيجيء في ص ٣٨٤ و ٣٨٦ - لأنهما يدلان على الحدث والتجدد كالفعل. أما الصفة المشبهة وباقي المشتقات فتدل على الثبوت، فهي بعيدة من الفعل، قريبة من الأسماء الجامدة. ومن ثم كانت "أل" الداخلة على "أفعل التفضيل" للعهد، وليست موصولة - كما ستجيء الإشارة في رقم ٤ من هامش ص ٤٧٣ ويجيء البيان في باب أفعل التفصيل جـ ٣ م ١١٢. ولا تكون "أل" اسم موصول إذا وجد في الكلام ما يدل على أنها "للعهد" فتكون حرف تعريف، لا اسم موصول، مثل قابلت مخترعا مشهورا، فأكبرت المخترع المشهور" و "العاقل" و "المأمون" للعهد فهي أداة تعريف فقط، "وتفصيل الكلام على" "أل" التي للعهد في ص ٤٢١" أما الداخلة على المشتقات التي تعمل عمل الفعل فهي اسم موصول إذ لو كانت حرفا لكانت من خواص الأسماء كما يقولون، فلا يكون المشتق بعدها شبيها بالفعل يعمل عمله ويعطف عليه الفعل، وإنما يكون مجرد اسم فقط، على يدل الذات وحدها - وقد سبق البيان في هامش ص ٣٥٦.