للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أمْن اللبس، وفي "غير أل": مراعاة اللفظ، وهو الأكثر، ومراعاة المعنى وهو كثير١ أيضًا، بالتفصيل الذي عرفناه، تقول شَقِيَ مَنْ أسْرَف ... فيكون الضمير مفردًا مذكرًا في الحالات كلها؛ مراعاة للفظ "من"، ولو كان المراد المفردة، أو المثنى، أو الجمع بنوعيهما. وإن شئت راعيْت المعنى، فأتيت بالرابط مطابقًا له؛ فقلت: من أسْرَفَتْ. من أسْرَفَتَا -من أسْرفُوا- من أسْرفَّن. فالمطابقة في اللفظ أو في المعنى جائزة في العائد على اسم الموصول المشترك. إلا إن كان اسم الموصول المشترك "أل" فتجب المطابقة في المعنى وحده؛ لخفاء موصوليتها بغير المطابقة، كما سبق عند الكلام عليها٢.

وقد يغنى٣ عن الضمير فى الربط٤ اسم طاهر يحل مكان ذلك الضمير، ويكون بمعنى الموصول؛ نحو: اشكر عليًّا الذى نفعك علْمُ علىّ، أي: علمه. ونحوقول الشاعر العربى:

فيا رَبَّ ليلَى أنتَ فى كُلِّ مَوْطن ... وأنت الَّذِى فى رحمةِ اللهِ أطمعُ

أي: فى رحمته أطمعُ٥.


١ ويجوز مراعاة المعنى بعد مراعاة اللفظ، ويجوز العكس، كما يجوز مراعاة اللفظ، ثم المعنى، ثم اللفظ - كما في رقم ٢ من هامش ص ٣٤٩ -.... كل ذلك مع أمن اللبس. فإن حصل لبس من مراعاة اللفظ وجب مراعاة المعنى، نحو: أنصف من أنصفتك. فلا يصح من أنصفك إذا كان المراد أنثى. ومثل اللبس. ... قبح الإخبار بمؤنث عن مذكر، نحو: من - هي حمراء- أمتك. وكذا في باقي المواضع الأخرى التي سبقت إليها الإشارة التفصيلية في رقم ٢ من هامش ٣٤٩.
٢ في رقم ١ من هامش ص ٣٥٦.
٣ لسبب بلاغي، كالاستعطاف، أو التلذذ، أو زيادة الإيضاح.
٤ "ملاحظة": يرى بعض النحاة: أن جملة الصلة قد تخلو من الرابط إذا عطفت عليها بالفاء، أو الواو، أو: ثم - جملة أخرى مشتملة عليه، مثل: الذي يشتد الكرب فيصبر، شجاع التي يتحرك القطار وتجلس، عاقلة- الذي لا حت الفرصة ثم اغتنمها، حازم. فجملة الصلة في هذه الأمثلة خالية من الرابط: اكتفاء بوجوده في الجملة المتأخرة المعطوفة على جملة الصلة. وهذا رأي مقبول تؤيده الأساليب الكثيرة المسموعة. "راجع الصبان جـ١، باب: "المبتدأ" عند الكلام على: "الخبر الجملة، ورابطه".
٥ ويصلح أن يكون منه قول الشاعر البحتري:
صننت نفسي عما يدنس نفسي ... وترفعت عن جدا كل جبس
"أي: عن عطاء كل لئيم دنيء". والأصل عما يدنسها. وهذا على اعتبار "ما" موصولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>