للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحصان؛ فيكون الخبر جاريًا على غير من هوله؟ الأمران محْتمَلان مع اختلافهما فى المعنى. وهذه هى حالة اللبس، حيث لا قرينة ترجح أحدهما على الآخر. فإن كان المراد هوالمعنى الأول الذى يقتضى جريان الخبر على من هوله وجب استتار الضمير مراعاة للأصل السابق؛ ليكون استتاره دليلا على ذلك المعنى؛ فنقول: "الفارس الحصان متعبه". وإن كان المراد هوالمعنى الثانى الذى يقتضى جريان الخبر على غير من هوله وجب إبراز الضمير منفصلاً؛ ليكون إبرازه دليلا على جريانه على غير من هوله؛ فنقول "الفارسُ الحصانُ متعبه هو"١. فالضمير: "هو" عائد على الفارس، المنسوب إليه "أنه متعب"، والمحكوم عليه بذلك الحكم. والضمير: "الهاء" المتصل بالخبر. وهوالهاء فى آخر كلمة: "متعبه" عائد إلى المبتدأ الثانى".

ومثل الكلبُ الثعلبُ مخيفهُ. "الكلب"؛ مبتدأ؛ أول. "الثعلب": مبتدأ ثان، "مخيف": خبر الثانى، وهومضاف، والهاء مضاف إليه. فما المراد؟ قد نريد الحكم على الثعلب بأنه يخيف الكلب؛ فيكون الخبر جاريًا على صاحبه، ويجب استتار الضمير؛ مراعاة للأصل السابق؛ ليكون استتاره دليلا على جريانه على صاحبه. وقد نريد المعنى الثانى؛ وهوجريانه على غير صاحبه؛ فجب إبراز الضمير منفصلا؛ ليكون إبرازه شارة على هذا المعنى؛ فنقول: الكلب الثعلب مخيفة هو. ويكون الضمير البارز عائدًا على "الكلب" وهوالمحكوم عليه حقيقة بالخبر؛ أى: بأنه المخيف. أما الضمير الثانى "وهوالهاء المتصلة بالخبر" فعائدة على المبتدأ الثانى٢.


١ في حالة اللبس وجريان الخبر على غير من هو له، يتعين أن يكون الضمير البارز فاعلا أو نائب فاعل على حسب نوع الوصف، لأن جريانه على غير صاحبه يمنع استتاره، ويوجب إبرازه منفصلا، فيستمر فاعلا أو نائب فاعل كما كان قبل إبرازه، إذ ليس للوصف إلا مرفوع واحد، فإذا كان ضميرا مستترا وطرا ما يوجب إبرازه منفصلا بقيت له حالة الفاعلية أو النيابة عن الفاعل، ولا يعرب توكيدا للضمير المستتر. ولا مانع أن يحل اسم ظاهر محل الضمير ليمنع اللبس، نحو: الفارس الحصان متعبه الفارس. ومن المستحسن عدم محاكاة هذا الأسلوب، إذ لا يكاد يخلو من إبهام، حتى مع إبراز الضمير - كما سيجيء -.
٢ مثل هذا: قائد الجيش راجيه هو -.... ساكن الحصن حارسه هو -.... زميلة البنت مرشدتها هي -.... معلمة الطفلة محبوبتها هي.... فالضمير البارز في الأمثلة السابقة أصله مستتر ويصلح أن يكون مرجعه المضاف أو المضاف إليه، فيحصل اللبس، لعدم تعيين المرجع. ولذا يجب إبراز الضمير لمنع ذلك اللبس. نعم الأكثر في الضمير أن يعود للمضاف، لكن، قد يعود للمضاف إليه أحيانا - كما سبق البيان في رقم ٢ من هامش ص ٢٥٦ وله إشارة في "ز" من ص ٢٦١- فإذا برز الضممير تعين إرجاعه للمضاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>