للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كل واحدة منها عند عدم قرينة تعارضها.

الأولى: "وهى الأصل الغالب" أن يتعين معناه فى زمن فات وانقضى -أى: قبل الكلام- سواء أكان انقضاؤه قريبًا من وقت الكلام أم بعيدًا. وهذا هو الماضى لفظًا ومعنى. ولكن إذا سبقته١: "قد" -وهي لا تسبقه إلا فى الكلام المثبت- دلت على أن انقضاء زمنه قريب من الحال؛ فمثل:


١ "قد" الحرفية بجميع أنواعها المعنوية إذا دخلت على فعل لم يصح أن يتقدم عليها شيء من معمولاته- "راجع الحضري جـ ١ ص ١١٢ باب "كان"، عند بيت ابن مالك:
وغير ماض مثله قد عملا
وستجيء له إشارة رقم ١ من هامش ص ٥٦٦.
وبهذه المناسبة تقول جاء في: "المغني والقاموس" معا ما نصه المشترك بينهما: "قد" الحرفية مختصة بالفعل المتصرف، الجبري، المثبت، المجرد من ناصب، وجازم، وحرف تنفيس، وهي مع الفعل كالجزء، فلا تفصل منه بفاصل، اللهم إلا بالقسم، و...." أهـ.
وتبعهما أحد أعضاء المجمع اللغوي القاهري مسجلًا بحثه في مجلة المجمع "الجزء الأول ص ١٣٨" ولكن رأيهما في اشتراط الإثبات مرفوض ومدفوع في المضارع المنفي بالحرف "لا" بالسماع المتعدد الصحيح الوارد نشرًا ونظمًا عن الفصحاء الذين يستشهد بكلامهم، ومن هذا: المثل العربي الوارد في كتاب "لسان العرب". في مادة "ذام" ونصه: "وقد لا تعدم الحسناء ذامًا". وكذلك المثل الجاهلي الذي نصه: "وقد لا يقاد بي الجمل" يقوله من أضعفته الشيخوخة، أو غيرها "وهذا المثل وارد في كتاب: "الأمثال" لأبي هلال العسكري المطبوع على هامش كتاب: "الأمثال" للميداني جـ ٢ ص ١١٧" هذا إلى ورودها قبل المضارع المنفي في أنماط أخرى من كلام الجاهلين وغيرهم ممن يحتج بكلامهم، ولا يستساغ دفعها إلا إذا لجأنا للتأويل الواهي الذي لا يثبت على التمحيص. ومن الأمثلة ورودها في شعر الأعشى ميمون- وهو جاهلي، أدرك ظهورها الإسلام - في بيت له من قصيدته: التاسعة والعشرين بالصفحة "١٩٥" من ديوانه، ونص البيت:
وقد قالت قتيلة إذ رأتني ... وقد لا تعدم الحسناء ذاما
وفي بيت آخر لقيس الجهني -وهو جاهلي- نقله الآمدي في كتابه المؤتلف "ص ١٢٣" ونصه:
وكنت مسودا فينا حميدا ... وقد لا تعدم الحسناء ذاما
وكذلك في بيت للنمر بن تولب وهو مخضرم، ونصه كما رواه السيوطي في كتابه: شواهد المغني "ص ٦٦"
وأحبب حبيبك حبًّا رويدًا ... فقد لا يعولك أن تصرما
وهذه الرواية توافق رواية منتهى الطلب في المخطوطة الأصلية المحفوظة بدار الكتب ورقمها بين المخطوطات الأدبية: "١٢٦٣١" ... إلى غير هذا من الأمثلة التي تقطع بصحة الاستعمال السالف في غير ضعف ولا شذوذ، ولا تأويل فلم يكن غريبًا أن يستعملها ابن مالك في ألفيته في آخر باب: "الممنوع من الصرف" حيث يقول:
ولاضطرار أو تناسب صرف ... ذو المنع والمصروف قد لا ينصرف
وسيشار لهذا في الجزء الرابع، باب الممنوع من الصرف، م ١٤٧ ص٢٥٩، وأن يستعملها في كلامه بعض اللغويين القدامى، ومنهم صاحب: "المصباح" في آخر كتابه، حيث قال ما نصه في ص ٩٤٥، فصل الثلاثي اللازم. "حقيقة التعدية أنك تصير المفعول الذي كان فاعلًا قابلًا لأن يفعل. وقد يفعل وقد لا يفعل ... " اهـ.
وللحرف "قد" أحكام متعددة سردها صاحب: "المغني".

<<  <  ج: ص:  >  >>