للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه مخالف للنهج العام الذى تسير عليه الجملة العربية فى نظام تكوينها المأثور، وطريقة ترتيب كلماتها. وذلك النهج يقتضى ألا يقع بعد العامل - مباشرةً معمل لغيره جملة....١، ففي مثل: أقبل القطار يحمل الركاب، نعرب كلمة: "الركاب" مفعولا به للفعل: "يحمل" وهذا الفعل هو، عاملها؛ فهى وثيقة الصلة به، وليست أجنبية منه، فلا يصح أن نقدمها ونضعها بعد عامل آخر؛ هو: "أقبل" لأنها أجنبية عنه؛ فلوقلنا: أقبل الركابَ الواردفى تركيب الجملة؛ وهوالنسق الذى تدل عليه تلك القاعدة العامة التى أشرنا إليها، والتى ملخصها: "أنه لا يجوز أن يلى العامل - مباشرة - معمول لعامل آخر". أو: "لا يصح أن يلى العامل - مباشرة - معمولٌ أجنبي عنه".

ولا فرق فى المعمول التقدم بين أن يكون معمولا الخبر "كان"، أولغيرها من النواسخ، وغير النواسخ، ولا بين أن يكون المعمول مفعولا أوغير مفعول ... إلا الظرف والجار مع مجروره، فإنه يجوز أن يلى عاملا آخر غيرَ عامله. والقاعدة - كما أسلفنا - لا تختص بعامل، ولا تقتصر على معمول، وهى مستمدة من الأساليب الكثيرة الفصيحة وعلى أساسها بنى الحكم السابق.

هذا إذا تقدم المعمول وحده بدون الخبر كالأمثلة السابقة، أوتقدم ومعه الخبر، وكان المعمول هوالسابق على الخبر؛ ففى مثل: كان الطالبُ قارئاً الكتاب، لا يصح أن يقال: كان الكتابَ الطالبُ قارئاً. أما لوتقدما معاً وكان الخبر هوالسابق فالأحسن الأخذ بالرأى الذى يبيحه؛ لمسايرته الأساليب الفصيحة المأثورة٢ فيصح أن نقول: كان قارئاً الكتابَ الطالبُ.


١ الشرط ألا يكون المعمول شبه جملة. وبناء على هذه القاعدة العامة لا يصح في باب: "كان" وأخواتها أن يتوسط بين العامل "الناسخ" واسمه المرفوع - معمول لعامل آخر إذا كان المعمول ليس شبه جملة. وإنما قلنا: العامل ومرفوعه، إذ لا يمكن أن يتم التوسط الممنوع هنا إلى بين العامل ومرفوعه، لأنهم يشترطون أن يقع التوسط الممنوع بعد العامل مباشرة، وهذا لا يتأتي إلا إذا كان الفاصل الأجنبي بين الناسخ واسمه المرفوع.
٢ وقد تستدعيه بعض الحالات البلاغية. كل ذلك مع مراعاة الأحوال والشروط العامة لتقديم خبر الناسخ، وقد أوضحناها في ص ٥٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>