للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"هـ" ألا تتكرر "ما"، فلا عمل لها فى مثل: "ما" "ما" الحُرُّ مقيم على الضيم؛ لأن كلمة: "ما" الأولى للنفى، وكلمة "ما" الثانية للنفى أيضاً؛ فهى قد نفت معنى الأولى، ونفى النفى إثبات١ فتبتعد "ما" الأولى عن النفى، وينقلب معنى الجملة إلى إثبات، وهوغير المراد٢.


١ فإن تكررت وكانت لتأكيد النفي في الأولى، لا لإزالته، صح الأعمال- مع ضعفه، حي قيل بشذوذه- وذلك بأن تكون "ما" الثانية توكيدا لفظيا للأولى يقوي نفيها، ولا يزيله، مع ملاحظة أن هذا التوكيد اللفظي ضعيف أو شاذ، كما قلنا، لعدم وجود فاصل بين حرفي النفي، كما تقضي ٢ضوابط التوكيد اللفظي - التي منها: أن توكيد الحروف التي ليست للجواب يقتضي تكرار الحرف الأول ومعه لفظ آخر يفصل بينه وبين الثاني الذي جاء للتوكيد - وسيأتي في جـ٣ ص ٥١٥ م ١١٦ هذا -، والذي يدل على أن الثانية تفيد نفيا جديدا يزيل الأول، أو أنها تفيد نفيا يؤكد الأول، إنما هو القرائن اللفظية - ومنها الفاصل اللفظي - أو المعنوية. ومع التكرار لا يصح بغير شذود أن توجد "ما" ما في الجملة الواحدة أكثر من مرتين، إحداهما: الأولى الثانية تكرارها لها.
٢ وقد عرض ابن مالك لبعض ما سبق من الشروط، تاركا بعضا آخر، حيث يقول:
إعمال "ليس" أعملت: "ما" دون: "إن" ... مع بقا النفي، وترتيب زكن
سجل في هذا البيت ثلاث شروط لإعمال: "ما" عمل ليس، وهي: ألا توجد بعدها "إن" الزائدة، وألا ينتقض النفي "بسبب تكرارها نافية، أو بوقوع حرف نفي آخر بعدها يزيل عن خبرها معنى النفي، او بدخول إلا - أو غيرها على الخبر مما يزيل عنه النفي"، وأن يبقي الترتيب بين اسمها وخبرها، فلا يتقدم الخبر على الاسم "وكلمة زكن معناها: علم" ثم يقول:
وسبق حرف جر أو ظرف كما ... بي أنت معنيا، أجاز العلما
أي: أن العلماء أجازوا تقديم الخبر إذا كان حرف جر مع مجروره، ومثل له بقوله: مابي أنت معنيا ومثاله هذا إنما يصلح لتقديم شبه الجملة المعمول للخبر نفسه، لا لتقدم الخبر. لكن جواز تقديمه يؤذن بصحة تقديم الخبر شبه الجملة أيضا. أو كان ظرفا، مثل، ما عند العاجز حيلة، وذلك بناء على ما استنبطوه من كلام العرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>