للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم المعطوف على خبرها:

"ا" إن كان حرف العطف مما يقتضى أن يكون المعطوف موجَباً "أى: مثبتاً" مثل: "لَكِنْ" و"بل" - وجب رفع المعطوف١؛ مثل: ما الفضل مجهولا لكنْ معروف؛ وما الإحسان منكوراً بل مشكور؛ فيجب الرفع فى كلمتى: "معروف" و"مشكور" وأشباههما؛ محاكاة لنظائرهما فى الكلام الفصيح المأثور. وتعرب كلا منهما خبراً لمبتدأ محذوف؛ فكأن أصل الكلام. ما الفضل مجهولا لكن هومعروف. وما الإحسان منكوراً بل هومشكور. ويتعين فى هذه الحالة إعراب كل واحدة من "لكن" و"بل" حرف ابتداء، ولا يصح إعرابها حرف عطف، لما يترتب على ذلك من أن يكون المعطوف جملة على حسب التقدير السابق، ولا يصح أن يكون المعطوف بهما جملة.


١ تفصيل ذلك: أن "لكن" تكون حرف عطف بثلاثة شروط، "أن يسبقها نفي، أو نهي" "وألا تكون مقترنة بالواو قبلها"، "وأن يكون معطوفها لا جملة:. ومثالها: ما أغضبت السباق، لكن المتأخر. فإذا كان ما قبلها منفيا - كالمثال السابق - تركته منفيا على حاله، وأقرت معناه المنفي، ولم تغيره، وأثبتت نقيضه لما بعدها، ففي العبارة السابقة انتفى الحكم بالإغضاب على السباق، ووقع الحكم بالإغضاب على المتأخر. وفي مثل: ما غابت فاطمة لكن زينب - انتفى الحكم بغياب فاطمة، وثبت الحكم بغياب زينب. وهكذا نرى الحكم المنفي قبل: "لكن"، يبقى منفيا على حاله، ويثبت نقيضه لما بعدها ... و.... و.... فإن فقد شرط لم تصلح عاطفة، ووجب أن تكون حرف ابتداء محض، واستدراك، وأن تدخل على جملة جديدة لا على مفرد.
وأما "بل" فإنها تكون حرف عطف بعد النفي وغيرها ولا تعطف إلا المفردات الصحيح. فإذا كانت بعد النفي، أو نهي كأن شأنها شأن: "لكن" في أنها تترك ما قبلها على حاله، أي: تقر معناه المنفي ولا تغيره وتثبت نقيضه لما بعدها، نحو: ما أهنت نبيلا بل حقيرا، فقد انتفى حكم الإهالة عن النبيل وثبت حكم الإهانة للحقير. أما إن كانت بعد كلام موجب، أو بعد أمر، فإنها تفيد الإضارب أي: العدول عن الحكم السابق، ونقله إلى ما بعدها، وترك ما قبلها كالمسكوت عنه، بتركه غير محكوم عليه بشيء، نحو: غرد العصفور، بل البلبل. وفي الصفحة الآتية ما يزيد الأمر وضوحا.
٢ هذا هو التعليل الصحيح لوجوب الرفع. أما ما زاد عليه من أنه خبر مبتدأ محذوف، وأنه لا يصح العطف و ... و ... مما قيل بع ذلك - فهو تحليل وتعليل منطقي، ابتكره النحاة: لايضاح الحكم السابق، وضبط حدوده، منعا للخطأ، وقد أحسنوا فيه، وإن لم يعرف العرب الأوائل شيئا عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>