وأما "بل" فإنها تكون حرف عطف بعد النفي وغيرها ولا تعطف إلا المفردات الصحيح. فإذا كانت بعد النفي، أو نهي كأن شأنها شأن: "لكن" في أنها تترك ما قبلها على حاله، أي: تقر معناه المنفي ولا تغيره وتثبت نقيضه لما بعدها، نحو: ما أهنت نبيلا بل حقيرا، فقد انتفى حكم الإهالة عن النبيل وثبت حكم الإهانة للحقير. أما إن كانت بعد كلام موجب، أو بعد أمر، فإنها تفيد الإضارب أي: العدول عن الحكم السابق، ونقله إلى ما بعدها، وترك ما قبلها كالمسكوت عنه، بتركه غير محكوم عليه بشيء، نحو: غرد العصفور، بل البلبل. وفي الصفحة الآتية ما يزيد الأمر وضوحا. ٢ هذا هو التعليل الصحيح لوجوب الرفع. أما ما زاد عليه من أنه خبر مبتدأ محذوف، وأنه لا يصح العطف و ... و ... مما قيل بع ذلك - فهو تحليل وتعليل منطقي، ابتكره النحاة: لايضاح الحكم السابق، وضبط حدوده، منعا للخطأ، وقد أحسنوا فيه، وإن لم يعرف العرب الأوائل شيئا عنه.