للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولوجعلنا المعطوف بهما مفرداً ولم نلاحظ التقدير السابق لوجب أن يكون منصوباً ومنفيًّا، تبعاً للخبر المعطوف عليه؛ لأن المعطوف المفرد يشابه المعطوف عليه فى حركات الإعراب، وفى النفى، والإثبات، والعامل فيهما واحد، وهنا يقع التعارض بين المعطوف عليه والمعطوف؛ فالأول مفى "بما" ومعمول لها. والثانى معمول لها أيضاً وموجَب١؛ وقوعه بعد: "لكن" أو: "بل". المسبوقين بنفى. و"ما" لا تعمل فى الموجَب, ومن هنا يجئ التعارض أيضاً؛ وهويقضى بمنع العطف ولوكان عطف مفرد على مفرد٢، ويقضى بالرفع. والأحسن أن يكون رفعه خبراً لمبتدأ محذوف.

ومما تقدم نعلم أن الكلام فى حالة: "ا" لا يشتمل على عطف مطلقاً؛ فلا عاطف، ولا معطوف عليه، ولا حرف عطف٣.

"ب" أما إن كان العطف لا يقتضى أن يكون المعطوف موجَبًا وإنما يقتضى أن يشابه المعطوف عليه فى حركات إعرابه، ونفيه، وإثباته: كالواووالفاء ... فإنه يجوز فى هذه الحالة نصب المعطوف ورفعه، مثل: ما أنت


١ للسبب الموضح في رقم ١ من هامش الصفحة السابقة.
٢ إذا كان خبر "ما" مجرورا بالباء الزائدة مثل: ما النجم بمظلم، لكن مضيء -أو بل مضيء- وجب الرفع أيضا دون النصب والجر، لقول النحاة: لا يصح الجر هنا عطفا على لفظ الخبر المجرور بالباء الزائدة. ولا النصب، عطفا على محله. وحجتهم أن الباء "عملت" الجر في المعطوف عليه، فهي العاملة أيضا في المعطوف تبعا لذلك، لأنه يشابه المعطوف عليه في حركات الإعراب، فالعام فيهما واحد، والمعطوف هنا موجب كما سبق. والباء لا تدخل على الموجب، وإنما تزاد بعد النفي.
وهذا كلام مردود، لأنه نظري فقط، يحتاج إلى سماع يؤيده، فوق أنهم يفتقرون في الثواني ما لا يغتفرون في الأوائل. وسجل النحاة هذا في مواضع متعددة، "كالذي في الصبان، جـ٢ باب: "الاستثناء" عند الكلام على تعذر البدل من اللفظ في الاستثناء التام غير الموجب. وكالذي في همع الهوامع جـ١ ص ٢١٥، وقد أشرنا لهذا في رقم ٢ من هامش ص ٥٩٤، ويجيء في جـ ٢ ص ٣١١ م ٨١".
والواجب أن يرجعوا للكلام العربي، ويعرضوا لحالته، ثم يستنبطوا منه الحكم الواقع. ولا نعرف أنهم فعلوا. ولهذا نجيز الجر والنصب، وإن كان الرفع هو الأقوى.
٣ وقد كان التعبير في أول الأمر بحرف العطف والمعطوف عليه تعبيرا مجازيا، روعي فيه الأصل والصورة الظاهرية التي تشبه صورة العطف، وإن كان الواقع والحقيقة أنه لا أثر العطف هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>