للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها اقتربت كثيراً من التدفق، وأنها لم تتدفق بالفعل، وهذا التغير بسبب وجود الفعل الماضى: "كاد".

ومن الأمثلة السابقة - وأشباهها - يتبين أن الفعل: الماضى "كاد" يؤدى فى جملته معنى خاصًّا، هوالدلالة على التقارب بين زمن وقوع الخبر والاسم١، تقارباً كبيراً مجرداً؛ "أى: لا ملابسة٢ فيه، ولا اتصال". ومن أجل ذلك سميت "كاد"٣ فعل: "مقاربة". ولها إخوة تشاركها فى تأدية هذا المعنى. ومن أشهر أخواتها - كرَبَ - أوشكَ....٤ - مثل: كرَبَ الليلُ ينقضى - أوْشكَ الصبح يقبل، بمعنى: "كاد" فيهما. وكلها بمعنى: "قَرُبَ".

عملها:

أفعال المقاربة أفعال ناقصة "أىْ: ناسخة" ترفع المبتدأ٥ اسماً لها، وتنصب الخبر٦، فلا ترفع فاعلا، ولا تنصب مفعولا ما دامت ناسخة٦، فهى من أخوات "كان". غير أن الخبر فى أفعال المقاربة لا بد أن يشتمل على:

"١" فعل مضارع٧، ومرفوعه "من فاعل، أونائبه ... " ضميرٌ فى الغالب.


١ هما هنا: اسمها وخبرها وسنعرفهما. فهذه الأفعال جاءت لتفيد قرب زمن وقوع الخبر من الاسم قربا كبيرا- وقد يقع الخبر أولا يقع، بل قد يستحيل وقوعه، نحو قوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء....}
٢ أي: أن كلا منهما يظل منفصلا عن الآخر، لا يخالطه، ولا يتصل به فعلا، ولا يندمج فيه مباشرة.
٣ التي مضارعها: "يكاد"، لا التي مضارعها: يكيد، بمعنى يمكر ويسيء.
٤ ونها: "الم" وقد ورد في الأثر: "لولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصبره." ومنها "أولى".... ولا داعي لاستعمال الغريب من أفعال هذا الباب من غير حاجة، بالرغم من جواز استعماله.
٥ ولهذا لا يكون اسمها شبه جملة - كما سبق - لأن المبتدا لا يكون شبه جملة.
"٦ و٦" مع ملاحظة أنها لا تدخل على الأشياء التي لا تدخل عليها النواسخ- وقد سبق بيانها في رقم ١ من هامش ص ٥٤٤ - وأن الأخبار في هذا الباب كله بأنواعه المختلفة يشترط فيها ما يشترط في كل أخبار النواسخ "مما أشرنا له في ص ٥٤٦ وبيانه التفصيلي في باب: "المبتدأ والخبر" هامش ٤٤٣" والتنبه. إلى الملاحظة التي في هامش ص ٤٨٠ خاصة بأن "أفعال الرجاء" وبعض أفعال المقاربة يصح أن يقع المعنى فيها خبرا عن الجثة، طبقا للبيان الذي في رقم ١ من الهامش التالي.
٧ يكون زمن هذا المضارع ماضيا قريبا من الحالي عند استعمال "كاد" أو إحدى أخواتها بلفظ الماضي - كما سبق في رقم ٤ من هامش ص ٦١٤ -، فهو مضارع في اللفظ وفي الإعراب، ماض قريب من الحال في الزمن، مثلها، لأن المضارع الواقع مع مرفوعه في خبر كاد الماضية أو إحدى أخواتها يكون زمنه مثلها، كما سبق - بالرغم من إعرابه فعلا مضارعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>