للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"٢" وأن يكون هذا المضارع مسبوقاً بأن المصدرية"١ مع الفعل: "أوْشكَ" وغير مسبوق بها مع الفعل: "كاد" أو: "كَرَبَ نحو: أوشك المطر أن ينقطع، وكاد الجويعتدل، وكَرَبَ الهواءُ يطيب. ويجوز - قليلا - العكس، فيتجرد خبر: "أوْشَكَ"، من "أنْ" ويقترن بها خبر "كاد" و"كرب"، ولكن الأول هوالشائع فى الأساليب العالية التي يحسن الاقتصار على محاكاتها. ومن النادر أن يكون الخبر غير جملة مضارعية. ولا يصح محاكاة هذا النادر، بل يجب الوقوف فيه عند المسموع٢.

وعمل أفعال المقاربة ليس مقصوراً على الماضى منها: بل ينطبق عليه وعلى ما يوجد


١ نترك للنحاة اختلافهم في نوع "أن" الداخلة في أخبار هذا الباب كله "كأخبار أفعال المقاربة هذه، وأفعال الرجاء ص ٦١٢" فأكثرهم يميل إلى أنها حرف نصب غير مصدري وأن فائدته تخليص المضارع للزمن المستقبل، دون زمن آخر، ويرفضون أن تكون مصدرية، بحجة أنها لو كانت مصدرية لوجب أن تسبك مع الجملة المضارعية بعدها بمصدر مؤول يكون خبرا للناسخ، فيترتب على ذلك الإخبار بالمعنى عن الجنة، وهو ممنوع - غالبا -. ففي مثل: عسى محمود أن يجود، يقع المصدر المؤول من أن والمضارع وفاعله خبر "عسى" في محل نصب، فيكون التقدير: عسى محمود جوده. فيقع "جود" - وهو أمر معنوي - خبرا عن "عسى" وهو في الحق خبر عن محمود، لأن اسم عسى وخبرها أصلهما المبتدا والخبر، ولا يجوز أن يكون المبتدأ جثة وخبره امرا معنويا - غالبا - ولا يبيح ذلك ناسخا قبلها.
وقال فريق آخر: لا مانع من اعتبار "أن" الداخلة في أخبار هذا الباب هي الناصبة المصدرية، والمصدر النسبك منها ومن المضارع مع فاعله - هو خبر الناسخ، إما على سبيل المبالغة، وإما على تقدير مضاف قبله، أو قبل اسم الناسخ، فيكون التقدير في المثال السابق: عسى محمود صاحب جوده، أو عسى حال محمود جوده ...
هذا كلام السابقين. وخير منه أن تكون "مصدرية ناصبة ويغتفر في هذا الباب كله الإخبار بالمعنى عن الجثة، فنستريح من تكلف التأويلات البصرية السالفة، كما نستريح من تكلف التأويلات الكوفية التي تجعل المصدر المؤول بدل اشتمال من الاسم المرفوع السابق، ويجعلون: "عسى" فعلا تاما معناه: "التوقع". ففي مثل: عسى على أن يحضر.... يكون التقدير: عسى على حضوره، أي: يتوقع على حضوره، ويكون الغرض من "البدل" هو التفصيل بعد الإبهام الداعي للتشويق. والذي يعنينا من هذا كله هو أن التعبير السالف صحيح، لا ضعف في استعماله ومحاكاته، ولا يعنينا بعد هذا نوع التأويل الذي يأخذ به فريق دون الآخر. "ولهذا إشارة في رقم ١ من هامش ص ٦٣٦".
٢ ومنه قوله الشاعر:
فأبت إلى "فهم" وما كدت آيبا ... وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
"أبت" رجعت "فهم": اسم قبيلة: "تصفر" أي: تخلو من كل شيء فيها.... والنادر المسموع هو مجيئه مفردا. أما غيره وهو: "الجملة الماضوية، أو الاسمية أو شبه الجملة - فلم يسمع عن العرب

<<  <  ج: ص:  >  >>