للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمعنى: "ظَنّ". وقد اجتمع المعنيان في قوله تعالى عن منكري البعث ويوم القيامة: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا} (١) [المعارج: ٦، ٧] فالفعل الأول بمعنى: "الظن" والثاني بمعنى: اليقين (٢) . وكلاهما نصب مفعولين. وكذلك إن كان معناه مأخوذاً من: "الحُلمُ" (أي: دالاًّ على الرؤيا المنامية) ، نحو: كنت نائماً؛ فرأيت الصديق مسرعاً إلى القطار (٣) .

فإن كان معناه الفهم وإبداء الرأي في أمر عقليّ فقد ينصب مفعولاً به واحداً، أو مفعولين، على حسب مقتضيات المعنى؛ مثل: يختلف الأطباء في أمر القهوة؛ فواحد يراها ضارَّةً، وآخر يراها مفيدةً إذا خلت من الإفراط. أو: واحد يرى ضررها، وآخرُ يرى إفادتها.

فإذا نظرت رأيت قوماً سادة ... وشجاعة، ومهابة، وكمالا

وقول الآخر:

إنّ العرانين تلقاها محسَّدة ... ولن ترى للئام الناس حسَّادا


(١) المراد بالبعد هنا: عدم حصول الشيء، ونفى وقوعه. وبالقرب: حصوله ووقوعه. وعلى هذا جرت ألسنة العرب وأساليبهم الفصيحة.
(٢) كاليقين في الفعل "رأى" من قول الشاعر:
وإذا الكريم رأّى الخمول نزيله ... في موطن فالحزم أن يترحّلا
(٣) وفي هذا يقول ابن مالك:
ولِرَأَى الرُّؤْيَا انْمِ مَا لِعَلِمَا ... طِالِبَ مَفْعُولَيْنِ مِنْ قَبْلُ انْتَمَى
(انم: انسب. انتمى. انتمى: انتسب. والتقدير: انم للفعل: "رأى" الذي مصدر "الرؤيا" أي: انسب للفعل: "رأى" الذي مصدره: "الرؤيا" هي المصدر الغالب لرأى الحُلُمية) أي: انسب للفعل: "رأى" الذي مصدره: "الرؤيا" المنامية -ما انتسب وثبت من قبل للفعل: ص٤٣ أن "رأى" الحلمية لا يدخلها تعليق ولا إلغاء، بخلاف: "علم") .

<<  <  ج: ص:  >  >>