(٢) هذا الأسلوب يتطلب بياناً شافياً، جليا، يتعرض لنواحيه المختلفة، كصياغته، وتركيبه، وإعرابه، ومعناه ... وقد وفيناه حقه في موضعه من الجزء الأول، ص٢٣٨ م١٩. -من الطبعة الرابعة- عند الكلام على الضمير وأنواعه ... (٣) إذا كان المضارع "أُرى" بمعنى: "أَظن"، ويعمل عمله -فكيف ينصب مفعولين مع رفعه نائب فاعل، هو في الأصلب مفعول به أيضاً؟ أليس معنى هذا أنه كان قبل بنائه للمجهول ينصب من المفاعيل ثلاثة، مع أن الفعل: "أظن" ينصب اثنين فقط؟ يجيب النحاة بإجابتين؛ كل واحدة منهما وافية في تقديرهم. وفي الأولى من التعارض والتكلف ما سنعرفه. الأولى: أن هذا المضارع: "أُرى" المبني للمجهول -غالباً، طبقاً للسماع- قد يكون ماضيه هو "أَرى" مفتوح الهمزة، الناصب لثلاثة من المفاعيل، والذي معناه: "أَعلم" الدال على اليقين -وسيجيء الكلام عليه في الباب التالي ص٥٨-؛ مثل: أَرى العالمُ الناس السفر للكواكب سهلاً؛ أي: أعلمهم السفر سهلا ... ومقتضى هذا أن يكون مضارعه ناصباً ثلاثة أيضاً، وليس ناصباً اثنين فقط. لكن السبب في نصبه اثنين أنه ترك معنى ماضيه، وانتقل إلى معنى آخر جديد؛ إذ صار بمعنى: الفعل المضارع: "أَظنُّ" لا بمعنى الفعل المضارع: "أعلم ويعلم" وغيرهما مما فعله الماضي: "أَعلم" الدال على اليقين. فلما ترك معناه الأصلي إلى معنى فعل آخر، كان من الضروري أن يترك عمله الأصلي ليعمل العمل المناسب للمعنى الجديد، فينصب مفعولين لا ثلاثة، وعلى هذا يتعين أن يكون ضمير المتكلم في المضارع المبني للمجهول فاعلاً، ولا يصح أن يكون نائب فاعل؛ لأن اعتباره نائب فاعل يؤدي إلى اعتباره مفعولاً به في الأصل قبل أن ينوب عن الفاعل؛ فينتهي الأمر إلى أن ذلك المضارع قد نصب من المفاعيل ثلاثة. وهذا مرفوض عندهم حتماً. فالسبب في تعدية المضارع المبني للمجهول -سماعاً- إلى مفعولين مع أن ماضيه: