للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نعلم مما تقدم أن أثر التعليق في منع العمل لفظي ظاهريّ فقط، لا حقيقيّ، محليّ، وأن سببه الوحيد وجود فاصل لفظي له الصدارة، يسمى: "المانع"؛ يفصل بين الناسخ ومفعوليه معاً، أو أحدهما (١) ، وبعد "المانع" جملة (٢) تسدّ مسدّ المفعولين معاً، أو أحدهما على حسب التركيب ...

ولما كان أثر التعليق مقصوراً على ظاهر الألفاظ دون محلها كان اختفاء النصب عن المفعولين معاً أو أحدهما، هو اختلفا شكليّ محض؛ لا حقيقيّ محليّ -كما قدمنا- ولهذا يصح في التوابع (كالعطف ... ) مراعاة الناحية الشكلية الظاهرة، أو مراعاة الناحية المحلية؛ فنقول: علمت لَلبلاغةُ إيجازٌ والفصاحةُ اختصارٌ- ورأيت لَلإطالةُ عجزٌ والحشوُ عيبٌ؛ برفع المعطوف، تبعاً للفظ المعطوف عليه، وحركته الظاهرة (٣) . أو نقول: علمت لَلبلاغة إيجازٌ، والفصاحةَ اختصاراً -ورأيت لَلإطالةُ عجزٌ والحشوَ عيباً؛ بنصب المعطوف؛ تبعاً للحكم المحليّ في المعطوف عليه. فمراعاة إحدى الناحيتين جائزة (٣) .

أما سبب التعليق في هذه الأمثلة وأشباهها، فيرتكز في الأمر الواحد الذي


=المعنى؛ ففي مثل: أظن محمداً أبوه قائم، تعرف الجملة -"أبوه قائم"- مبتدأ وخبر، في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني؛ فهي مفرد في المعنى؛ لأن المعنى: أظن محمداً قائم الأب. وقد نص النحاة على هذا، وتضمنته كتبهم، = (ومنها: الصبان في الجزء الأول عند الكلام على علامات الأسماء، وأوضحنا هذا وبسطنا الكلام على الإعراب المحلي في الموضع الذي أشرنا إليه في رقم ١ من هامش ص٢٥) .
(١) فلابد من تقدم الناسخ على "المانع"، ولابد من تقدم "المانع" على المفعولين معاً، أو على الثاني فقط؛ إذ ليس من اللازم -كما كان عرفنا- أن يقع أثر التعليق. على المفعولين معاً، فقد يقع على الثاني وحده، ويبقى الأول منصوباً كما قبل التعليق. أما وقعه على الأول دون الثاني فغير ممكن؛ لأن أداة التعليق التي تفصل بين الناسخ ومفعوله الأول ستكون فاصلة كذلك بين الناسخ ومفعوله الثاني في الوقت نفسه.
(٢) إلا في الحالة التي سبق استثناؤها في رقم ٤ من هامش ص٢٧. وتجيء في رقم ٤ ص٣٠..
(٣) يجب عند العطف بالنصب على محل الجملة التي عُلق عنها الناسخ -أن يكون المعطوف إما جملة اسمية في الأصل؛ كالأمثلة السابقة؛ فيعطف كل جزء من جزأيها على ما يقابله، في الجملة المتبوعة.
وإما مفرداً فيه معنى الجملة؛ نحو: علمت لمحمودٌ "أديبٌ" و"غيرَ" ذلك من أموره. فلا يصح: علمت ولمحمودٌ أديب" وحامداً، ولا: علمت لمحمود "أديبٌ" وشاعراً -إلا على تأويل وتقدير محذوف في كل صورة، أما كلمة "غير" في المثال السالف فإنها منصوبة جوازاً؛ لأنها بمنزلة الجملة كما قلنا-. فهي معطوفة بالنصب على محل الجملة الاسمية التي هي المعطوف عليها؛ فلفظ "غير" -وهو مفرد- قد=

<<  <  ج: ص:  >  >>