وزيادة في البيان نقول: إن اشتراط القسم مقصور عند جمهرة النحاة على: "لا - إن"- النافيتين، ولا يكاد يوجد خلاف في صدارة "ما" النافية غير الزائدة؛ عاملة وغير عاملة. فقد جاء في الجزء الأول من "المغني" عند الكلام على "لا" ما نصه: (تنبيه - اعتراض لا" بين الجار والمجرور في محو: غضبت من لا شيء، وبين الناصب والمنصوب في نحو قوله تعالى: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" ... وبين الجازم والمجزوم في نحو: إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض ... " وتقدم معمول ما بعدها عليها في نحو قوله تعالى: "يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها ... "- دليل على أنها ليس لها الصدر. بخلاف "ما" ... "اللهم إلا أن تقع في جواب القسم فإن الحروف التي يتلقى بها القسم كلها لها الصدر. ولهذا قال سيبويه في قوله: "آليت حَسب العراق الدخر أطعمه ... " أن التقدير: على حب العراق، فحذف الخافض، ونصب ما بعده، بوصول الفعل إليه، ولم يجعله من باب: "زيداً ضربته"؛ لأن التقدير "لا أطعمه" وهذه الجملة جواب: لآليت؛ فإن معناه: حلفت. وقيل: لها الصدر مطلقاً، وقيل "لا" مطلقاً. والصواب الأول) اهـ. وإنما قال سيبويه ذلك لأن "لا" هنا لها الصدارة؛ لوقوعها في جواب القسم؛ فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، ولا يفسر عاملاً أيضاً ... وقال الأشموني عند سرد الأدوات التي لها الصدارة، ويحدث التعليق بسببها ما نصه: (التزم التعليق عن العمل في اللفظ إذا وقع الفعل قبل شيء له الصدر؛ كما إذا وقع قبل "ما" النافية؛ نحو قوله تعالى "لقد علمت ما هؤلاء ينطقون" وقيل "إنْ - ولا" النافيتين في جواب ق سم ملفوظ أو مقدر ... ) اهـ. وقد استدرك الصبان فقال ما نصه: (قوله في جواب قسم..، قيل الصحيح أنه ليس بقيد. لكن في "المغني" ما يظهر به وجه التقييد؛ حيث نقل فيه أن الذي اعتمد سيبويه أن "لا" النافية إنما يكون لها الصدارة حيث وقعت في صدر جواب القسم. وقال في محل آخر: "لا" النافية في جواب القسم لها الصدر؛ لحلولها محل ذوات الصدر؛ كلام الابتداء و"ما" النافية.. اهـ و"إن" مثل: "لا" اهـ كلام الصبان. (١) الإفراط: المبالغة في إعداد الشيء حتى يتجاوز حدوده المحمودة. والتفريط: الإهمال فيه. فهما نقيضان. (٢) لأن الاستفهام له الصدارة، فلا يعمل ما قبله فيه، إلا إن كان ما قبله حرف جر؛ نحو: ممن علمت الخبر؟. - بم جئت؟ - عن يتساءلون؟ - على أي حال كنت؟..=