للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عامله فقط، وإنما يجوز أن يتقدم عليه، وعلى "لن" معًا، نحو، ظلمًا لن أحاول، وعدوانًا لن أبدأ١.

وفي غير مواضع التقديم الواجب، والتأخير الواجب٢، يجوز الأمران.


١ وقد عرض ابن مالك عرضًا سريعًا موجزًا لأحوال الترتيب السابقة، واكتفى فيها بالإشارة المختصرة التي لا توفي الموضوع حقه من الإيضاح، والتفصيل النافعين، قال:
والأصل في الفاعل أن يتصلا ... والأصل في المفعول أن ينفصلا
وقد يجاء بخلاف الأصل ... وقد يجي المفعول قبل الفعل
يريد: أن الأصل في تكوين الجملة العربية، وترتيب كلماتها، يقتضي اتصال الفاعل بعامله، وانفصال المفعول عن ذلك العامل بسبب وقوع الفاعل فاصلًا بينهما؛ إذ مرتبة الفاعل مقدمة على مرتبة المفعول به، ومراعاة هذه المرتبة تجعل الفاعل هو الذي يلي العامل، وتجعل المفعول به مفصولا منه بالفاعل، ثم بين أن هذا الأصل لا يراعى أحيانا، فيتقدم المفعول به على الفاعل، ويفصله عن فعله وعامله، وانتقل بعد ذلك إلى حالتين من الحالات التي يجب فيها تأخير المفعول به، وهما حالة خوف اللبس، وحالة الفاعل الضمير، غير المحصور، الواجب اتصاله بعامله، فقال فيهما:
وأخر المفعول إن لبس حذر ... أو أضمر الفاعل غير منحصر
وأوضح بعد ذلك أن المحصور "بإلا" أو"إنما" يجب تأخيره؛ فاعلًا كان أو مفعولًا به، وأنه يجوز تقديمه.
ولم يذكر النوع الذي يصح تقديمه، ولا شرطه، مكتفيًا بأن يقول: إن تقديم المنحصر يصح إذا ظهر المقصود، ولم يخف المعنى، أو يتأثر بالتقديم، وفي هذا يقول:
وما بإلا أو بإنما انحصر ... أخر، وقد يسبق إن قصد ظهر
وختم كلامه بأن بين أن عود الضمير من المفعول به المتقدم على فاعله المتأخر شائع في أفصح الأساليب لا عيب فيه؛ لأنه عائد على متأخر في اللفظ متقدم في الرتبة، وهذا كثير سائغ، كما قلنا: وساق مثالًا لذلك هو: خاف ربه عمر. أما عود الضمير من الفاعل المتقدم على مفعوله المتأخر فوصفه بأن شاذ، لا يصح القياس عليه: ومثل له بنحو: زان نوره الشجر، فيقول:
وشاع نحو: "خاف ربه عمر" ... وشذ نحو: "زان نوره الشجر"
وكلامه مجمل، بل مبتور.
٢ ومن مواضع التأخير الواجب ما يأتي في الزيارة -ص ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>