للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما لغيرها - "مثل الماضي: تعلم، تفضل - تعاون - تناشد، تجاهل" وجب ضم الحرف الثاني مع الأول؛ ففي مثل: تعلم الصبي حرفة - تفضل الصديق بالزيارة - ... يصير الماضي: تعلمت حرفة - تفضل بالزيارة١ وفي مثل قولهم: "تعلم البحار في الملاحة، وتعاون مع رفاقه فأمن الخطر" يصير الكلام بعد بناء الفعل الماضي للمجهول: تعلم٢ فن الملاحة، وتعوون مع الرفاق؛ فأمن الخطر وهكذا.

٤- إن كان الماضي مبدوءًا بهمزة وصل فإن ثالثة يضم مع أوله؛ ففي مثل: "اعتمد العاقل على كفاحه - انتصر المكافح بعمله" - يقال في بناء الفعلين للمجهول: اعتمد على الكفاح - انتصر بالعمل٣.


١ يقول ابن مالك:
والثاني التالي "تا" المطاوعة ... كالأول اجعله بلا منازغه
أي: اجعل الحرف الثاني في الماضي مضمومًا كالأول، إن كان الأول تاء المطاوعة، إذ لا نزاع - أي لا خلاف في هذا.
٢ إذا كانت التاء في أول الماضي لا تكثر زيادتها فلا يضم الحرف الذي يليها؛ مثل: ترمس الزارع الحب، "أي: رمسه، بمعنى: دفنه"، وإنما كانت زيادة التاء غير معتادة في هذه الكلمة -وأشباهها- لأنها جاءت للتوصل إلى النطق بالساكن، وهو الراء، وهذا اختصاص همزة الوصل.
٣ وفي هذا يقول ابن مالك:
وثالث الذي بهمز الوصل ... كالأول اجعلنه كاستحلي
أي: أن الحرف الثالث من الفعل المبدوء بهمزة الوصل بضم كالأول، ومثل له بالفعل "استحلي" المبني للمجهول، وأصله: "استحلى" مبدوءًا بهمزة وصل. فلما بني للمجهول ضم الحرف الأول والثالث منه.
ومما يلاحظ في البيت أن كلمة: "ثالث" ... بالنصب تعرف مفعولًا به لفعل محذوف يفسره الفعل الآتي بعده؛ وهو: "اجعل" المؤكد بالنون، مع أن الفعل المؤكد بالنون لا يصلح أن يعمل فيما قبله، ولا أن يفسر عاملًا محذوفًا قبله. وكذلك إعراب "كالأول" جار ومجور متعلق بالفعل المتأخر عنه المؤكد بالنون، وهو: "اجعل" والفعل المؤكد بالنون لا يصح أن يتعلق به شبه جملة قبله، وهذا هو الرأي الأقوى والأفصح، ويخالفه رأي آخر أقل شيوعًا وقوة يراه مقبولًا في شبه الجملة وحدها، لكن ابن مالك يقع في هذه المخالفة كثيرًا لضرورة النظم، وقد سبق لها نظائر في الجزء الأول "انظر فهرس الجزء الأول م٧ هامش ص ٩٦ طبعة ٣ ورقم ١ هامش ص٧٥ قبلها"، والمعربون يلتمسون تأويلات وتقديرات لتصحيح مخالفته، ولا داعي لشيء من هذا، لما فيه من تكلف وتعسف، ويكفي التصريح بأن النظم قهره على ارتكاب المخالفة؛ وهذا هو السبب الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>