للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعرابي، ومثل:

إذا الملك الجبار صعر خده١ ... مشينا إليه بالسيوف نعاتبه

أي: إذا صعر الملك خده، صعره، فالمفسر هو الفعل الماضي وحد "صعر"، ومثل:

فمن نحن نؤمنه٢ يبت وهو آمن ... ومن لا نجره يمس منا مفزعًا

التقدير: فمن نؤمنه يبت وهو آمن، فالمفسر هو الفعل "نؤمن" وحده، وهو مجزوم كالفعل المفسر المحذوف، وكلمة: "نحن" في البيت ضمير فاعل للفعل المحذوف، وقد برز هذا الضيمر -بعد استتاره الواجب- بسبب حذف فعله وحده؛ إذ لا يبقى الفاعل مستترًا بعد حذف عامله، فإذا رجع العامل وظهر، عاد الضمير الفاعل إلى الاستتار كما كان، فإن ظهر مع ظهور عامله لم يعرب -في الرأي الشائع- فاعلًا؛ وإنما يعرب توكيد لفظيًا للضمير المستتر المماثل له. وينطبق هذا الكلام على البيت التالي:

فإن أنت لم ينفعك علمك٣ فانتسب ... لعلك تهديك القرون الأوائل

التقدير: فإن لم تنتفع لم ينفعك علمك ... وأشباه هذا، فالفعل "ينفع" هو وحده المفسر للفعل المحذوف، وهو مساير لذلك المحذوف في الجزم والنفي معًا. والضمير البارز "أنت" فاعل الفعل المحذوف، وكان مستترًا وجوبًا فيه، فلما حذف الفعل برز في الكلام فاعله المستتر، ولما رجع الفعل إلى الظهور في الجملة الأخيرة عاد فاعله الضمير إلى الاستتار، كما كان أولًا، ومثله قول الشاعر:


١ صعر خده: حوله إلى جهة لا يرى فيها الناس؛ تكبرا منه وترفعًا.
٢ بمعنى: نؤمنه، أي: نمنحه الأمان.
٣ يريد: إن لم يكن لك علم بحوادث الموت المحيطة بك بحيث يعظك فارجع. إلى أصولك الأوائل الذاهبين، لعل لك عظة في موتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>