للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذ مرده الاستقراء المنتزع من الأساليب العربية الصحيحة التي لا يسوغ مخالفتها، ولا سيما في النواحي المتعلقة بالمعنى، وإلا اضطربت المعاني، وتناقضت، ولم تؤد اللغة مهمتها - بخلاف الجملة الفعلية؛ فإنها تقبل التعليق، ولا تعارضه.

وشيء آخر يؤيد ما سلف؛ هو أن بعض النصوص الفصيحة الواردة تدل على وجود لغات أو لهجات ترفع المضارع "ينصح" في ذلك المثال وأشباهه، فإذا ورد مرفوعًا فأين فعل الشرط؟ أيكون هو فعل الشرط مع رفعه، فنتكلف أقبح التأول والتمحل في إعرابه؟ أم نتركه على حاله مرفوعًا، ونقدر فعلًا آخر للشرط مجزومًا مباشرة؟ الأمران معيبان، ولكن الثاني أقرب إلى القبول؛ لأنه - بسبب جزمه المباشر الخالي من التأول - ينخرط في عداد أفعال الشرط؛ إذ الأصل في أفعال الشرط أن تكون مجزومة، وهذا دليل آخر يدفعنا إلى رفض الوجه الإعرابي السابق "المبتدأ"، كما تحمل على رفضه أمور نحوية، وبلاغية دقيقة وفي مقدمتها الفصل بالمبتدأ بين أداة الشرط الجازمة وفعلها، وهذا ممنوع١؛ لمخالفته المأثور الشائع، ومنها: أن دخول النواسخ على المبتدأ مطرد، مع أن كثير من النواسخ لا يصح دخوله هنا على المبتدأ، ومن هذا الكثير الحرف: "إن" إذ له الصدارة في جملته، فلا يصح وقوعه بعد أداة الشرط ... و ... و ...

ب- ولو أعربنا الاسم السابق وهو: "عاقل" وأشباهه، فاعلًا - أو شيئًا آخر مرفوعًا بالعامل الذي بعده - كما يرى فريق من الكوفيين لكان هذا أخذًا برأي ضعيف أيضًا، فوق ما فيه من الفصل الممنوع عند أكثر النحاة - كما أوضحنا-، ومن اختلاط الأمر في كثير من الأساليب بين المبتدأ والفاعل


١ عند جمهور البصريين "راجع شرح العكبري، للديوان المتنبي وبيته التالي:
لو الفلك الدوار أبغضت سعيه ... لعوقه شيء عن الدوران
من القصيدة التي مطلعها:
عدوك مذموم بكل لسان ... ولو كان من أعدائك: القمران

<<  <  ج: ص:  >  >>