للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساسه التخيل والتوهم، وتعارضه النصوص الكثيرة الواردة بالرفع الصريح ...

ولا حاجة إلى عرض أدلة كل فريق ممن يبيح، أو يمنع فقد فاضت بها المطولات والكبت التي تتصدى لمثل هذا الخلاف، وسرد تفاصيله وأدلته التي تضيق بها الصدور -أحيانًا- حين تقوم على مجرد الجدل، وتعتمد على التسابق في إظهار البراعة الكلامية، ومنها: كتاب: "الإنصاف في أسباب الخلاف"، لابن الأنباري ...

والحق يقتضينا أن نحكم على كل وجه من أوجه الإعراب الثلاثة بالضعف. ولكن الضعف في حالة تقدير عامل محذوف، أخف وأيسر، ويما يلي البيان بإيجاز، ولعل فيه -مع إيجازه- ما يرد بالأمر مورده الحق، ويضعه في نصابه الصحيح، هذا، وفي الاستئناس والاسترشاد بما يقال في الاسم المرفوع بعد أداة الشرط -كالآية السابقة، وأمثالها- ما يكفي ويوصل لتأييد النحاة، ودعم رأيهم في باقي حالات رفعه.

أ- في مثل: إن عاقل ينصحك ينفعك، لو أعربنا الاسم السابق: "عاقل" مبتدأ لكانت الجملة الفعلية بعده "وهي: ينصحك" في محل رفع، خبره - ويترب على هذا أن تكون أداة الشرط، وهي تفيد - دائمًا - التعليق ١ قد دخلت على جملة اسمية، مع أن الجملة الاسمية تفيد الثبوت٢ في أكثر الصور، وهو من أضداد التعليق، وهنا يقع في الجملة الواحدة التعارض الواسع بين مدلول الأداة، ومدلول المبتدأ مع خبره؛ وهو تعارض واقعي٣ لا خيالي؛


١ توقف حصول شيء، أو عدم حصوله، على آمر آخر؛ فيكون الثاني -في الأغلب- مترتبًا على الأول وجودًا وعدمًا، فإن كانت أداة الشرط جازمة، فالتعلق والتوقف لا يتحقق إلا في المستقبل.
٢ ثبوت الحكيم إيجابًا أو سلبًا، أي: تحقق وقوعه والقطع بحصوله؛ سواء أكان موجبًا أو منفيًا.
٣ لإيضاح هذا التعارض نقول: الأصل في الجملة الاسمية - كما هو مقرر مقطوع به - أنها تدل - في الأغلب - على الثبوت إذا كانت اسمية محضة؛ "أي خالية من فعل"، ومن أمثلتها: الوالد رحيم - الولدان نفعهما عميم ... وقد تقيد مع الثبوت الدوام بقرينة، هذا شأن الجملة الاسمية المحضة، فإن كانت غير محضة، "وهي التي يكون فيها الخير جملة فعلية" نحو: الوالد زاد فضله، فإنه تقيد مع الثبوت التجدد، وقد تفيد الاستمرار التجددي، وكل ما سبق موضح بتفصيلاته في لوم البلاغة وغيرها.
ومنه يتبين أن الدلالة التي تؤديها الجملة الاسمية بنوعيها "المحضة، وغير المحضة" تعارض وتناقص "التعليق"، فكيف يجتمعان في جملة واحدة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>