مما يقع بعد "أي" التفسيرية بدلًا أو عطف بيان؛ لكن هذا لا يخرجها عن أنها مماثلة للمفسر في حركة إعرابه؛ إذ كل من البدل وعطف البيان تابع هو بمنزلة متبوعه.
ومن الكلمات التي تفسر غيرها، ويتحتم أن تسايره في حركة إعرابه ما يقع بعد حرف العطف:"الواو" الذي يدل أحيانًا على أن ما بعده مفسر لما قبله، كما في مثل: الماء الصافي يشبه اللجين والفضة، فالواو وحرف عطف للتفسير؛ لأن ما بعدها يفسر ما قبلها، وهو مساير له - وجوبًا - في حركات إعرابه؛ إذا المعطوف كالمعطوف عليه في كثير من أحكامه التي منها حركات الإعراب.
فالرأي القائل باعتبار الجملة التفسيرية مسايرة لما تفسره يجعلها كنظائرها من الجمل التي لها محل من الإعراب، وكغيرها من المفردات التي تؤدي مهمة التفسير، ولا معنى للتفرقة في الحكم بين ألفاظ تؤدي مهمة واحدة، إلا إن كان هناك سبب قوي، ولم يتبين هنا السبب القوي؛ بل الذي تبين أن الكلام المأثور الفصيح يؤيد أصحاب هذا الرأي الواضح الذي يمنع تعدد الأقسام والأحكام، ويؤدي إلى التيسير بغير ضرر.
وقد أشرنا١ إلى أن الجملة لا تكون مفسرة في باب "الاشتغال" إلا حين يكون الاسم السابق منصوبًا، فإن كان مرفوعًا لعامله المحذوف فالمحذوف هو فعله وحده، ويتعين أن يكون التفسير بفعل فقط، كما قلنا: إن الاسم السابق إذا وقع بعد أداة لا يليها إلا الفعل وجب نصبه، ولا يجوز رفعه على أنه مبتدأ، وإنما يجوز رفعه على أنه مرفوع فعل محذوف؛ كقوله تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْه} ، فكلمة:"أحد" فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده، والتقدير: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك ... إلى آخر ما أوضحنا ...
والذي نريد بسطه الآن أن بعض القدامى والمحدثين لا يروقهم هذا التقدير، ويسخرون منه، مطالبين بإعراب الاسم المرفوع -في الآية السالفة وأشباهها- إما مبتدأ مباشرة، وإما فاعلًا مقدمًا للفعل الذي بعده "أي: للمفسر"، وبإهمال التعليل الذي يحول دون هذا الأعراب؛ لأنه -كما يقولون- تعليل نظري محض،