للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أراد النحاة تيسير التمييز بين الفعل المتعدي بنفسه والفعل اللازم، وسهولة تعيين كليهما؛ فوضعوا لذلك ضابطين يصلح كل منهما لأداء هذه المهمة - في رأيهم١.

أولهما: أن يتصل بالفعل ضمير؛ كالهاء٢، أو: ها - يعود على اسم سابق غير ظرف وغير مصدر.

وطريقة ذلك: أن يوضع الفعل في جملة تامة، وقبله اسم جامد، أو مشتق؛ بشرط أن يكون هذا الاسم غير مصدر وغير ظرف، وبعد الفعل ضمير يعود على ذلك الاسم المتقدم، وإن صح التركيب واستقام المعنى فالفعل متعد بنفسه، وإلا فهو لازم، فإذا أردنا أن نبين حقيقة الفعل: "أخذ" من ناحية التعدي واللزوم وضعنا قبله اسمًا غير مصدر وغير ظرف، وجعلنا بعد الفعل ضميرًا يعود على ذلك الاسم؛ فنقول: الصحف أخذتها، فنرى المعنى سليمًا، والتركيب صحيحًا "لموافقته الأصول والضوابط اللغوية"؛ فنحكم بأن هذا الفعل متعد؛ ينصب المفعول به بنفسه، إلا إن صار المفعول به نائب فاعل فيرفع٣.

ومثل هذا يتبع في الفعل "قعد" حيث نقول: الغرفة قعدتها؛ فندرك سريعًا فساد الأسلوب والمعنى، ولا سبب لهذا الفساد اللغوي إلا تعدية الفعل، "قعد" تعدية مباشرة، لهذا نحكم بأنه لازم.

ومثل الفعلين "أخذ" و"قعد" غيرهما من الأفعال؛ حيث يمكن التوصل إلى معرفة المتعدي واللازم باستخدام الضابط السالف.

وإنما اشترطوا في الاسم السابق أن يكون غير مصدر وغير ظرف؛ لأن الضمير يعود عليهما من الفعل المتعدي واللازم على السواء؛ فلا يصلح الضمير العائد على المصدر أو الظرف أن يكون أداة للتمييز، بين المتعدي واللازم؛ ففي مثل: طلبت


١ انظر الحكم على هذا في رقم ٣ من هامش الصفحة التالية.
٢ وتسمى: "هاء المفعول به"؛ لأنها تعود عليه.
٣ وفي هذا يقول ابن مالك:
علامة الفعل المعدى أن تصل ... "ها" غير مصدر به؛ نحو: عمل
فانصب به مفعوله، إن لم ينب ... عن فاعل، نحو: تدبرت الكتب
أي: تأملتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>