للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منك أن تمشي في الصباح المبكر طويلا، ثم تستريح ساعة، تذهب بعدها إلى مزاولة عملك فماذا فعلت؟

قد يكون الجواب: "المشي مشيته، والساعة استرحتها١، والذهاب ذهبته، والعمل زاولته"، ففي الإجابة ضمائر عاد بعضها على المصدر أو على الظروف، مع أن أفعالها لازمة، كما في الثلاثة الأولى، وعاد بعضها على المصدر أيضًا مع أن الفعل: "زوال" متعد بنفسه.

ثانيهما: صياغة اسم مفعول تام٢ من الفعل الذي معرفة تعديته أو لزومه؛ فإن أدى اسم المفعول معناه بغير حاجة إلى جار ومجرور كان فعله متعديًا بنفسه، وإلا كان لازمًا، في مثل: فتح - أكل - أعلن ... نقول: الباب مفتوح - الفاكهة مأكولة - الخبر معلن ... فنرى اسم المفعول مستغنيًا عن الجار والمجرور في أداء لمراد منه، بخلافه عند صياغته في مثل: قعد - يئس - هتف ... حيث نقول: الحجرة مقعود فيها - القضاء على أسباب الحرب ميئوس منه - العظيم مهتوف باسمه ... فاسم المفعول هنا لم يستغن في أداء معناه عن الجار مع مجروره ...

فالوسيلة إلى معرفة التعددية واللزوم تكون باستخدام أحد الضابطين السالفين، أو باستخدامهما معًا؛ كما يقول النحاة٣.


١ انظر نيابة العدد عن الظرف - في ص ٢٦٥.
٢ أي: لا يحتاج في تأدية المعنى المراد منه إلى جار مع مجروره.
٣ الحق أن تلك الوسيلة ليست ناجحة، ولا سليمة، وأن الضابط الصحيح هو حكم اللغة بمفرداتها، وتراكيبها الواردة عن أهلها العرب، وقد حوت النصوص والمراجع الوثيقة كثيرًا من هذه المفردات والتراكيب، وأبانت الكتب اللغوية - في عناية تامة - ما تعدى من الأفعال وما لزم، مع سرد معانيها؛ نشهد هذا في كتاب: المصباح المنير، وفي القاموس المحيط، وشرحه تاج العروس وفي لسان العرب، وفي أساس البلاغة ... وغيرها من المطولات اللغوية، أما الضابطان السالفان فلا يصلح أحدهما أو كلاهما للإبانة دون الرجوع إلى تلك المراجع الوثيقة، وإلا فمن أين نعلم ويعلم المستعرب أن الفعل: "فتح - أكل - أعلن" واسم المفعول منه مستغنيان عن الجار والمجرور، وأن الفعل: "قعد - يئس - هتف"، واسم مفعوله لا يستغنيان؟ من أين نعلم أن هذا الأسلوب صحيح في تركيبه بعد التعدية؛ أو غير صحيح؟ وأن مثل: "الحجرة قعدتها" خطأ؟ لا سبيل لذلك إلا بالرجوع إلى تلك المصادر اللغوية الأمينة، ولا دخل للذوق الشخصي في الصحة أو الفساد؛ لأنه غير مأمون، ومعنى ما تقدم أننا -ولا سيما المستعربون- لا نستطيع الانتفاع بأحد الضابطين السالفين أو =

<<  <  ج: ص:  >  >>