للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالرغم من هذه الوسيلة لجئوا إلى أخرى أدق منها وأصح؛ فقد بذلوا الجهد -قدر استطاعتهم- في استقصاء كلام العرب، وحصر الأفعال اللازمة الواردة فيه، وتقسيمها أقسامًا تقريبية متعددة، لكل قسم عنوان معين ينطبق - إلى حد كبير - على عدد كثير من الأفعال اللازمة الداخلة تحته؛ فيكتفي الراغب بمعرفة هذا العنوان، وتطبيق معناه على الفعل الذي يريد الحكم عليه بالتعدية أو باللزوم؛ فيصل - غالبًا - إلى ما يريد، فمنزلة هذا العنوان العام منزلة القاعدة التي تطبق على أفراد متعددة؛ فتغني عن المراجع اللغوية، وتوصل إلى الغاية المرجوة بغير جهد مبذول، ولا وقت ضائع، وقد نجحوا في وضع هذه العناوين أو القواعد التقريبية نجاحًا كبيرًا يمكن الاعتماد عليه، والاكتفاء به، بالرغم من أنها لم تنطبق على قليل من الأفعال وصف بالشذوذ، ونحوه، وأشهر تلك العناوين والقواعد التقريبية الدالة -في الغالب- على الأفعال اللازمة ما يأتي:

١- الأفعال الدالة على صفة تلازم صاحبها، ولا تكاد تفارقه إلا لسبب قاهر، وهي الأفعال الدالة على السجايا، والأوصاف الفطرية: مثل: شرف فلان؛ نبل - ظرف - قصر - طال - سمن - نحف ... والأغلب في هذه الأفعال أن تكون على وزن: "فعل" - بفتح فضم - وهذه صيغة تكاد تقتصر على الفعل ١ اللازم.

ويتصل بها ما لا يدوم ولكن ومنه يطول، أو يتكرر؛ مثل: جبن - شجع - نهم ٢ - جشع.


= بهما معًا دون تحكيم اللغة أولًا، والاعتماد على ما تشير به، ولها وحدها القول الفصل، أما الضابطان أو أحدهما فيستطيع من عرف أولًا، من اللغة تعدية هذا الفعل أو لزومه - أن يلجأ إليهما، لمجرد الاستئناس، لا لمعرفة أمر مجهول، بل إنه لا يحتاج إلى مثل هذا الاستئناس؛ لاستغنائه عنه بالمعرفة اللغوية السابقة.
وهناك سبب آخر هام، هو أن هذه "الهاء" - ونحوها- قد تتصل بآخر الفعل اللازم وتعرب مع لزومه مفعولًا به، طبقًا للبيان والتفصيل في رقم ٣ من هامش ص ٢٤٧، فكيف تصلح علامة المتعدي؟
١ ويقول صاحب المغني ج ٢ الباب الرابع: الأمور التي لا يكون الفعل معها إلا قاصرًا: إنه لم يرد منها متعديًا سماعًا إلا اثنان؛ هما: رحب، طلع - بفتح أولهما - وضم ثانيهما؛ في مثل رحبتكم الدار، طلع القمر اليمن - كما سيجيء في ص ١٧٠، وفي رقم ٣ من هامش ص ١٨٣ - وكلام صاحب المغني وتحديده منوض بمثل الفعل: "بصر"، فإنه يتعدى في الأكثر بالباء، وقد يتعدى بنفس مباشرة، طبقًا لما في بعض المراجع اللغوية ومنها: "المصباح المنير".
ولهذا صلة بما يجيء في رقم ١ من هامش ص ١٧٠.
٢ فهم الرجل: اشتدت رغبته في الطعام ولازمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>