للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها١، ولولا هذا لكثر الخلط بين الفعل اللازم٢ والفعل المتعدي، وانتشر اللبس والإفساد المعنوي، وفقدت اللغة أوضح خصائصها؛ وهو: التبيين؛ وأساسه الضوابط السليمة المتميزة التي لا تداخل فيها، ولا اختلاط.

وليس للتعدية بحرف الجر الأصلي -وشبهه ٣- حرف معين يجب الاقتصار عليه وحده، وإنما يختار للتعدية الحرف الذي يحقق المعنى المراد، ويناسب السياق؛ فقد يكون الحرف: من، أو، إلى، أو الباء، أو غيرها ... ؛ كالأمثلة السابقة، وكقولنا: انصرف الصانع إلى مصنعة - وانصرف من المصنع إلى بيته - انصرف العالم عن الهزل - انصرف في سيارته ... وهكذا تتغير أحرف الجر، وتتنوع مع العامل اللازم بتنوع٤ المعاني المطلوبة.

وحرف الجر إذا كان وسيلة للتعدية، "وهي التعدية غير المباشرة"، لا يجوز حذفه مع بقاء معموله مجرورًا، إلا في بضعة مواضع قياسية٥.


١، ٢ إلا الكلمة المنصوبة على ما يسمي: "الحذف والإيصال" أو: "نزع الخافض" في مثل "أرأيتك الحديقة، هل راقك جمالها" على اعتبار أن "أرأيتك" بمعنى: أخبرني، والحديقة: منصوبة على نزع الخافض، والأصل عن الحديقة.
ولهذه المسألة تفصيل هام، وإيضاح مفيد في ج ١ ص ٢١٦ م ١٩ - باب: "الضمير".
٣ توضيح حرف الجر الأصلي وشبهه - مدون في ص ٤٣٤، وفي رقم ٢ من هامش ص ٤٣٦ حيث البيان المفيد عن تقسيم حروف الجر من ناحية الأصالة وعدمها، وفائدة كل قسم ... و ...
٤ هذا أمر يجب التنبيه له، فإذا رأينا لغويًا -أو غيره- ينص صراحة أو تمثيلًا على أن فعلًا - مثل: قعد، أو نام يتعدى بحرف الجر "في"، أو بحرف جر آخر ينص عليه، فليس مراده أن هذا الفعل لا يتعدى إلا بوسيلة واحدة هي: المجيء بجار مع مجروره، وأن حرف الجر الذي يجيء هو "في" أو غيره مما نص عليه. وإنما مراده أمران معًا، هما: أن هذا الفعل لازم، وأنه يجوز تعديته بإحدى وسائل التعدية التي ستذكر هنا، والتي منها الإتيان بحرف جر مناسب للمعنى وللسياق مع مجروره، دون الاقتصار على حرف جر واحد في الأساليب والمعاني المختلفة، فإذا اقتضى الأمر تعديته بالوسيلة القياسية وكانت حرف الجر جاز لنا أن نختار من بين حروف الجر حرفًا يناسب المقام والغرض المراد، من غير التزام حرف واحد في كل المواقف المعنوية المتباينة، وعلى هذا يقول: قعدت على الكرسي -قعدت منذ ساعة- من قعدت به همته لم تنهض به عشيرته ... وهكذا.
ويزيد الأمر وضوحًا ما سيجيء في ص ٤٣٦ خاصًا ببيان المراد من تعلق الجار والمجرور بالعامل.
٥ سيجيء كثير منها في باب حروف الجر ص ٥٣٢ م ٩١ - وقد استفاض الخلاف، والجدل في جواز حذف الحروف الجارة حذفًا قياسيًا، أو عدم جوازه، وفي حكم المجرور بعد الحذف، أيبقى مجرور كما كان أم ينصب على "نزع
الخافض"؟ وهو نوع يسمى: "الحذف والإيصال" =

<<  <  ج: ص:  >  >>