للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصدري من الحروف الثلاثة مع صلته، "وهي: أن، وأن المختصة بالفعل١


= أن تلك الأسماء المنصوبة هي مفعولات للفعل الموجود، وأن هذا الفعل نصبها مباشرة؛ فلا حاجة إلى اعتبارها منصوبة على نزع الخافض - كما يرى بعض النحاة دون بعض - لما في هذا من العدول عن الإعراب الواضح، المساير لظواهر الألفاظ، ومعانيها - إلى الإعراب؛ والتعقيد من غير داع.
ومعنى ما سبق أن الفعل: "دخل" بعد من الأفعال المسموعة التي تتعدي بنفسها تارة وبحرف الجر أخرى، فهو: مثل: شكر - نصح - حيث تقول فيها: شكرت لله على ما أنعم، ونصحت الغافل بأن يشكره، أو شكرت الله على ما أنعم، ونصحت الغافل بأن يشكره، وهذا النوع هو "ج" الذي وصفناه أول هذا الباب - عند تقسيم الفعل التام إلى متعد ولازم، ص ١٥١ - بأنه قسم مستقل بنفسه يسمى: "الفعل الذي يستعمل لازمًا ومتعديًا، وهذا النوع يطرد فيه النصب مع حذف حرف الجر كما يطرد الجر مع ذكر الحرف.
ج- نوع يحذف فيه الحرف قليلًا مع بقاء مجروره على حالة من الجر؛ كما كان قبل حذف الجار، وهذا النوع القليل منصور على السماع لا محالة؛ فلا يجوز التوسع فيه بجر كلمات غير الكلمات التي وردت عن العرب كقولهم: "لاه ابن عمك" ... " أي: لله ابن عمك"، قد حذفت اللام وبقي مجرورها؛ فلا يجوز عند حذفها وضع مجرور آخر؛ كأن يقال: المجد أنت - العمل النافع أخوك - تريد: للمجد أنت - للعمل النافع أخوك، فهذا - وأشباهه - مما لا يصح.
ومن هذا المسموع القليل حذف "الباء" أو"على"، مع بقاء مجرورها في قول أعرابي سئل: كيف أصبحت؟ فأجاب: "خير والحمد لله" أي: بخير، أو: على خير، وحذف "إلى" في قول آخر:
إذا قيل أي الناس شر قبيلة ... أشارت كليب بالأكف الأصابع
أي: أشارت إلى كليب الأصابع مع الأكف ... وهكذا من كل ما حذف فيه حرف الجر وبقي مجروره على حالة، وهذا النوع لا يطرد فيه الجر، وإنما يقتصر على المسموع، كما قلنا.
د- نوع يكثر فيه حذف الجار مع إبقاء مجروره على حالة من الجر، وهذا النوع قياسي يطرد في جملة أشياء؛ أشهرها: حرف الجر الذي مجروره المصدر المؤول من أحد الحروف المصدرية الثلاثة مع صلته١، وهذه الحروف الثلاثة هي: "أن - أن - كي"، وقد تكلمنا عليها هنا - أما بقية الأشياء ومناقشتها، فموضوع الكلام عليها: آخر باب حروف الجر عند الكلام على حذف حرف الجر، وإبقاء عمله - ص ٥٣٥ م ٩١ - والكثير منها غير داخل في موضوع التعدية بحرف الجر الذي نحن فيه.
ومما تقدم نعلم أن حرف الجر إذا حذف، ينصب الاسم بعده في حالتين؛ إحداهما: قليلة غير مطردة، فالنصب فيها مقصور على السماع، والأخرى كثيرة مطردة؛ فالنصب فيها قياسي، ويجر في حالتين؛ إحداهما: قليلة غير مطردة؛ فالجر فيها سماعي، والأخرى: كثيرة مطردة فالجر فيها قياسي فالحالات الأربع؛ منها اثنتان قياسيتان واثنتان سماعيتان.
١ إذا وقعت "أن وأن" بعد حرف الجر الباء في صيغة: "أفعل" - بفتح فسكون فكسر - الخاصة بالتعجب جاز حذف الباء مع "أن" قياسا دون "أن" المشددة في رأي قوي، بحجة أن السماع لم يرد بحذفها؛ وهذه التفرقة بينهما في مسألة واحدة غير مقبلة؛ لأن حذف الباء قبلهما جائز في كل المسائل الأخرى، فلم تخرج هذه المسألة - كما سنشير في ص ٤٩٥ وفي رقم ٣ من هامش ص ٥٣٤ لكن إذا حذفت الباء في التعجب بعد الصيغة السالفة أتلاحظ في التقدير أم لا؟ رأيان، كما سيجيء في باب التعجب ج ٣ - ص ٢٧٢ م ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>