للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو في معناه، فيعطى حكمه في التعدية واللزوم"١، ومن أمثلته في التعدية: لا تعزموا السفر، فقد عدي الفعل، "تعزم" إلى المفعول به مباشرة؛ مع أن هذا الفعل لازم لا يتعدى إلا بحرف الجر١؛ فيقال: أنت تعزم على السفر، وإنما وقعت التعدية بسبب تضمين الفعل اللازم: "تعزم" معنى الفعل المتعدي: تنوي، فنصب المفعول بنفسه مثله؛ فمعنى: "لا تعزموا السفر" لا تنووا السفر ... ومثل: رحبتكم الدار – وهو مسموع – فإن الفعل: "رحب" لازم؛ لا يتعدى بنفسه إلى مفعول به١ ولكنه تضمن معنى: "وسع فنصب المفعول به "الكاف" مثله؛ إذ يقال: وسعتكم الدار؛ بمعنى: اتسعت لكم، ومثل: طلع القمر اليمن، وهو من الأمثلة المسموعة أيضًا – والفعل: "طلع"٢


١ عرفه كثير من النحاة بأنه: "إشراب اللفظ معنى لفظ آخر، وإعطاؤه حكمه؛ لتؤدي الكلمة معنى كلمتين"، لكن التعريف الذي ذكرناها هو الذي ارتضاه المجمع اللغوي القاهري من بين تعريفات كثيرة؛ كما ورد في الجزء الأول من مجلته ص ١٨٠ وما حولها، وكما في ص ٢٠٢ من محاضر جلساته في دور الانعقاد الأول، وفي المرجعين السالفين بحوث لطيفة وافية في أمر "التضمين" من نواحيه المختلفة، وقرار المجمع في ص ١٨٠ المشار إليها صريح في أن "التضمين" قياسي بشروط ثلاثة، "أولها: تحقق المناسبة بين الفعلين، ثانيها: وجود قرينة تدل على ملاحظة الفعل الآخر، ويؤمن معها اللبس ثالثًا: ملاءمة التضمين للذوق العربي، ويوصي المجمع بعدم الالتجاء إلى التضمين إلا لغرض بلاغي".
لكن أيكون التضمين في الفعل وما شابهه – نوعًا من المجاز، أم من الحقيقة، أم مركبًا منها؟ وهل يتلف التضمين بمعناه السالف النحوي عن: "التضمين البياني" وهو الذي يقضي بتقدير حال محذوفة موضعها قبل المجار والمجرور، مناسبة في معناها لهما، ويتعلق بها الجار والمجرور من غير حاجة إلى إعطاء كلمة معنى كلمة أخرى لتؤدي المعنيين، كما يقول النحاة؟ وهل يمكن وجود التضمين السماعي؟ كل هذا وأكثر منه وأوفى وأوضح، مدون في المرجعين السالفين وقليل منه مدون في حاشية الصبان قبيل آخر الباب، وكذلك عرض له "ياسين" في حاشيته على "التصريح" – أول الجزء الثاني، باب "حرف والجر هذا" تحت عنوان: "فصل – في ذكر معاني الحروف الجارة" عرضًا محمود الإسهاب، في نحو أربع صفحات كبيرة، وقرر أن المختار أنه سماعي.
وقد سجلنا في آخر هذا الجزء الثاني –ص ٥٥٦– بحثًا نفيسًا خاصًا به؛ لا يستغني عنه المتخصصون، ثم أبدينا فيه رأينا بإيجاز، وهو بحث لأحد أعضاء المجمع اللغوي القاهري ألقاه صاحبه على زملائه، ثم تبعه في الجلسة نفسها بحث لعضو آخر، وقد سجلتهما – مع المناقشات التي دارت حولهما – مجلة المجمع، ونقلنا ذلك كله في ص ٥٦٦ وما يليها، مختومًا برأينا الخاص في "التضمين".
٢و ٢ هذا كلامهم، كيف وقد ورد متعديًا صراحة ي القرآن أو في الكلام العربي؟ ففيم التأويل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>