الضمير في باب التنازع، في هذه الحالة لا يكون العامل الثاني في باب التوكيد اللفظي؛ لأن العامل الثاني في بابه زائد للتوكيد اللفظي؛
فلا فاعل له – في الرأي الشائع – فلا يتحمل ضميرًا – كما سيجيء في باب:"التوكيد" من الجزء الثالث، ص ٥١٠ م ١١٦.
والذين يقولون: إن التوكيد اللفظي لا يصلح للتنازع يستدلون بأمثلة مسموعة: منها قول الشاعر يخاطب نفسه:
فأين إلى أين النجاة ببغلتي؟ ... أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس
فلو كان في الكلام تنازع لقال – أتاك أتوك اللاحقون، أو: أتوك أتاك اللاحقون، تطبيقًا لأحكام التنازع.
والحق أن كلا الرأيين لا يصلح للأخذ المطلق أو الرفض المطلق؛ لمجرد أنه منسوب لذا أو لذاك، وإنما الذي يعول عليه عند عدم الضمير البارز هو الأخذ بما يساير المعنى ويحقق الغرض؛ فيجب أن أن تكون المسألة من باب التوكيد اللفظي وحده – ولا دخل للتنازع فيها – حين يقتضي المقام تحقيق غرض من أغراض التوكيد اللفظي، وفي مقدمتها إزالة شك يحيط بالعامل وحده؛ كأن يجري الحديث عن سقوط المطر عدة أيام متوالية؛ فيقول أحد الحاضرين: لم يسقط المطر أمس ... فيرد آخر: سقط سقط
المطر أمس، ففي هذه الصورة يدور الشك حول الفعل:"سقط" وحده دون فاعله؛ إذ ليس هناك شك في أن الذي سقط هو: المطر، وليس حجرًا، ولا حديدًا، ولا خشبًا ... و ...
أما في صورة أخرى يدور الشك فيها حول العامل ومعموله معًا، فإن إزالة الشك عنها قد تكون بتكرار الجملة كلها، وتكرارها قد يدخلها في باب التنازع، ولا سيما منع وجود الضمير البارز، مثال ذلك: أن يدور حول عدم حضور أحد من الغائبين؛ بأن يقول قائل: لم يحضر أحد من الغائبين، فيرد آخر: حضر حضر أخي، أو: حضر حضر المجاهدان، أو: حضرا حضر المجاهدان ... فالمقام هنا يقتضي أن يكون المسألة من باب:"التنازع" وليست من توكيد الجملة الفعلية بأختها؛ لأن توكيد الجملة الفعلية بنظيرتها الفعلية يقتضي تكرار لفظي الفعل والفاعل في كل واحدة منها كما هو مدون في باب:"التوكيد" جـ ٣ م ١١٦ص ٥١٠-