للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

يعد باب "التنازع" من أكثر الأبواب النحوية اضطرابا، وتعقيدًا، وخضوعًا لفلسفة عقلية خيالية، ليست قوية السند بالكلام المأثور الفصيح، بل ربما كانت مناقضة له.

أ– فأما الاضطراب فيبدو في كثرة الآراء والمذاهب المتعارضة التي لا سبيل للتوفيق بينها، أو التقريب، وقد أهملنا أكثرها.

يتجلى هذا في أن بعضها يجيز حذف المرفوع؛ كالفاعل، وبعضها لا يجيز. وفريق يجيز أن يشترك فعلان أو أكثر في فاعل واحد، وفريق يمنع، وطائفة تبيح الاستغناء عن المعمولات المنصوبة، وعن ضمائرها ... ، وطائفة تبيح حذف ما ليس عمدة الآن أو في الأصل، وفئة تحتم تقدير ضمير المعمول متأخرًا في بعض الصور، وفئة لا تحتم ... و ... فليس بين أحكام "التنازع" حكم متفق عليه، أو قريب من الاتفاق، حتى ما اخترناه هنا، وقد يبدوا الخلاف واضحًا في كثير من المسائل النحوية الأخرى، ولكنه في مسائل "التنازع" أوضح وأفدح، كما يبدو في المراجع المطولة١، حيث يدور الرأس، وتضيق النفس.

ومن مظاهر الاضطراب أيضًا أن يحرموا هنا ما أباحوه في أبواب أخرى، فقد منعوا حذف ضمير الاسم المتنازع فيه إن كان أصله عمدة؛ كأحد مفعولي "ظن" وأخواتها، مع أنهم أباحوا ذلك في باب "ظن"٢، ومنعوا حذف المعمول إن كان فضله، والمهمل هو المتأخر، مع أنهم أجازوه في الأساليب الأخرى التي ليست للتنازع، ومنعوا هنا الإضمار قبل الذكر في بضع الحالات، مع أنهم أباحوه في مكان آخر ... و ...

وكأن اسم هذا الباب قد سرى إلى كل حكم من أحكامه.

ب– وأما التعقيد فلما أوجبوه مما ليس بواجب، ولا شبه واجب؛ فقد حتموا أن يكون ضمير الاسم المتنازع فيه واجب التأخير عنه حينًا – في رأي كثرتهم؛


١ كالأشموني وحاشيته، والتوضيح وشروحه وحواشيه، والجزء الثاني من الهمع و ... و ...
٢ سبقت الإشارة لهذا في رقم ٣ من هامش ص ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>