للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأهم١؛ نحو: نظرت للعالم نظر الإعجاب والتقدير، وأثنيت عليه ثناء مستطابًا. وقوله تعالى: {وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} ، وليس من الممكن بيان النوع٢ وحده من غير توكيده لمعنى العامل.

جـ– وقد يكون الغرض منه أمرين متلازمين أيضًا؛ هما: توكيد معنى عامله


= "ومختص"، وهو قسمان: معدود، ونوعي ... ثم قال ما نصه: إن النوعي إن كان مضافًا كان من باب النيابة على التحقيق – طبقًا للبيان الذي في رقم ٢ من هامش هذه الصفحة – وأما "ذو أل"، فالظاهر أنه قد يكون كذلك؛ كما إذا قصدت تشبيه سيرك الآن يسير سابق معهود للمخاطب سواء أكان منك أو من غيرك، وقد يكون أصليًا؛ كأن قصدت الإخبار عن ذلك السير المعهود الذي وقع منك بعينه استحضارًا لصورته. ا. هـ كلام الخضري.
والبلاغة تقتضي أن يكون استعمال المصدر المبهم مقصورًا على الحالة التي يكون فيها معنى عامله موضع غرابة أو شك؛ فيزيل المصدر المبهم تلك الغرابة، وهذا الشك؛ كالأمثلة التي عرضناها، فليس من البلاغة أن يقال: قعدت قعودا - أكلت أكلا ... وأشباه هذا، ما دام الفعل: "قعد" أو": "أكل"، ليس موضع غرابة أو شك، نعم التعبير صحيح لغويًا، ولكنه ركيك بلاغيًا، أما مثل: طارت السمكة طيرانًا، فالبلاغة ترضي عن مجيء المصدر المبهم؛ لغرابة معنى عامله، وتشكك السامع في صحته ... وهكذا.
وتوكيد المصدر لعامله هو من نوع التوكيد اللفظي – الذي سيجيء في الجزء الثالث م ١١٦ ص ٤٣٤ –، فيؤكد نفس عامله إن كان مصدرًا مثله، ويؤكد صدر عامله الذي ليس بمصدر ليتحد المؤكد والمؤكد معًا في نوع الصيغة؛ "تطبيقًا لشرط التوكيد اللفظي، ومنه التوكيد بالمصدر الذي نحن فيه"، فمعنى قولك: عبرت النهر عبرًا – أوجدت عبرًا عبرًا، وهذا رأي المحققين، ولكن سيترتب على الأخذ برأيهم حذف المؤكد في التوكيد اللفظي، وهذا الحذف – عند أكثرهم – ينافي الغرض من التوكيد اللفظي، وفوق هذا عامله الحقيقي محذوف أيضًا؛ ففي الكلام حذف كثير.
هل يجاب بأن المؤكد مع حذفه ملاحظة يدل عليه اللفظ المذكور الذي يشاركه في الاشتقاق، وهو: "عبرت" فهو محذوف كالمذكور؟
١ يدخل في هذا القسم المصدر المصوغ للدلالة على الهيئة، "وسيجيء الكلام عليه في ج ٣ م ١٠٠".
٢ يقولون بحق: إن المصدر النوعي كان مضافًا فالأصح اعتباره نائب مصدر؛ لاستحالة أن يفعل الإنسان فعل غيره؛ وإنما يفعل فعله الصادر منه؛ فالأصل في مثل: سرت سير ذي رشد؛ هو: سرت سيرًا مثل سير ذي رشد؛ فحذف المصدر، ثم صفته، وأنيب المضاف إليه منابه، ولولا ذلك لكان المعنى: أن سير ذي الرشد قد سرته هو نفسه؛ وهذا فاسد، إذ كيف أسير السير المنسوب لذي الرشد؟ كيف يكون ذو الرشد هو الذي ساره وأوجده في حين أقول: أنا الذي سرته وأوجدته؟ ففي الكلام تناقض وفساد لا يزيلهما إلا اعتبار النوعي المضاف نائب مصدر، وهذا كلام دقيق، ويتجه إليه غرض المعربين، وإن لم يتقيدوا به في إعرابهم الشائع المقبول أيضًا؛ تيسيرًا وتخفيفًا، "راجع رقم ١ هامش ص ٢١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>