للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ– كررنا أن الأفضل اعتبار المصدر النائب عن عامله قسمًا مستقلًا بنفسه، ينضم إلى الأقسام الأخرى الشائعة، وأوضحنا١ سبب استقلاله، أما عامله المحذوف فلا بد أن يكون في جميع المواضع القياسية فعلًا مشتركًا معه في المادة اللفظية، وفي حروف صيغتها، كالأمثلة الكثيرة التي مرت، وأما الأمثلة السماعية، فمنها الخالي من هذا الاشتراك اللفظي؛ مثل: ويح – ويل – ويس - ويب ... وأمثالها من الألفاظ التي كانت بحسب أصلها كنايات عن العذاب والهلاك، وتقال عند الشتم والتوبيخ، ثم كثر استعمالها حتى صارت كالتعجب؛ يقولها الإنسان لمن يحب ومن يكره، ثم غلب استعمال: "ويس" و"ويح" في الترحم وإظهار الشفقة، كما غلب استعمال: "ويل" و"ويب" في العذاب.

وإذا نصبت الألفاظ الأربعة – وأشباهها – كانت مفعولات مطلقة لعامل مهمل٢،


١ في رقم ٤ من هامش ص ٢٠٩، و ٢ من هامش ص ٢٢٠، ورقم ١ من ص ٢٢٥.
٢ أي: لفعل من لفظها؛ كان يستعمله العرب قديمًا، ثم تركوا استعماله اختيار؛ فصار مهملًا مستغنى عنه؛ شأن كل شيء مهمل، لكن أيجوز استعمال اللفظ الذي أهمله العرب – سواء أكان فعلًا أم غير فعل؟.
الرأي السديد أنه لا مانع من استعماله ما دام معروفًا بنصه وصيغته، ومما يؤيد استعمال الفعل المهمل، ما جاء في المزهر: "ج ٢ ص ٣٠ باب: ذكر نوادر من التأليف" ونصه: "قال ابن درستويه في شرح: "الفصيح" إنما أهمل استعمال "ودع، ووذر" – واللذين مضارعهما: يدع ويذر – لأن في أولهما واوًا، وهو حرف مستثقل؛ فاستغني عنهما بما خلا منه، وهو "ترك"، قال: واستعمال ما أهملوا من هذا جائز صواب، وهو الأصل، بل هو في القياس الوجه، وهو في الشعر أحسن منه في الكلام لقلة اعتياده؛ لأن الشعر أقل استعمالًا من الكلام". ا. هـ.
فإن لم يكن معروف الصيغة نصًا، وكان المعروف مصدرًا أو مشتقًا، فقد انطبق عليه رأي بعض اللغويين – كابن جني – وهو يقضي بصحة استعماله، وبإباحة تكملة مادته اللغوية الناقصة بما يجعلها على غرار نظائرها، فالمصدر تشتق منه فروع تساير الفروع التي تشتق من نظيره في الدلالة العامة، وفي الوزن ... ، والمشتق – كاسم الفاعل – وغيره – تكمل له الأنواع، والفروع، ومصدره بما يساير نظائره في كل ذلك، وقد ارتضى مجمع اللغة بالقاهرة هذا المذهب، وسار عليه في بعض قراراته.
وفيما يلي كلام ابن جني:
قال في كتابه الخصائص "ج١ ص٣٦٢ باب: في أن ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب، ما نصه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>