للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، وقد اشترطنا أن تكون الجملة السابقة مشتملة على معناه، فهل يشترط أن تكون مشتملة على لفظه أيضًا؟.

الجواب: لا؛ فإنها قد تشتمل على لفظه كالأمثلة السابقة، وربما لا تشتمل؛ مثل قول القائل يصف النخيل: "رأيت شجرًا محتجبًا في الفضاء، ارتفاع المآذن"، فكلمة: "ارتفاع" مصدر منصوب بعامل محذوف وجوبًا، تقديره: يرتفع ارتفاع المآذن، وإنما حذف وجوبًا لتحقق الشروط، التي منها؛ وقوع المصدر بعد جملة مشتملة على معناه، وإن كانت غير مشتملة على لفظه؛ لأن معنى: "رأيت شجرًا محتجبًا في الفضاء" – هو رأيت شجرًا مرتفعًا، ومثله: رأيت رجلًا يزحم الباب، ضخامة الجمل، أي: يضخم ضخامة الجمل.


أي: كان مسندًا هو وفاعله، والمسند إليه مبتدأ، دال على اسم عين "أي: على ذات"، وقد شرحناه، ثم انتقل إلى = المؤكد لنفسه أو لغيره:
ومنه ما يدعونه مؤكدًا ... لنفسه، أو غيره، فالمبتدا
نحو: له علي ألف عرفا ... والثان كابني أنت حقًا صرفا
يريد بالمبتدأ: النوع الأول، وهو المؤكد لنفسه، "عرفًا"، أي: اعترافًا، وهو المصدر المؤكد لنفسه، والأصل اعترف اعترافًا، فحذف الفعل وجوبًا وناب عنه مصدره، و"صرفًا"، أي: خالصًا، وهي نعت لكلمة: "حقًا" أي: حقًا خالصًا لا شبهة فيه، و"حقًا" هي المصدر النائب عن فعله المحذوف وجوبًا، ثم قال:
كذاك ذو التشبيه بعد جمله ... كلي بكًا، بكاء ذات عضله
يريد: المصدر المقصود به التشبيه بعد جملة مشتملة على فاعله المعنوي – كما أوضحنا في الشرح –، ومثل له بمثال هو: "لي بكا بكاء ذات عضلة"، أي: لي بكًا، أبكي بكاء ذات عضلة؛ "فبكاء" هي المصدر الدال على التشبيه، وعامله محذوف وجوبًا ... ولا يصح أن يكون عامله المصدر الذي قبله، وهو كلمة: "بكًا" المقصورة؛ لأن المصدر لا يعمل هنا؛ لأنه ليس نائبًا عن فعله، ولا مؤولًا بالحرف المصدري، وهذان هما الموضوعان اللذان يعمل في كل منهما المصدر الصريح.
و"العضلة" الداهية, و"بكاء ذات عضلة"، أي بكاء من أصابتها داهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>