للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحو: "للمعنى صوت صوت البلبل"، أي: للمغني صوت، يصوت صوت البلبل، بمعنى: صوتا يشبهه، ومنه: "للشجاع المقاتل زئير زئير الأسد"، أي: يزأر زئير الأسد، أي: زئيرا يشبه زئيره، ومنه: "للمهموم أنين، أنين الجريح"، أي: يئن أنين الجريح، "أنينا شبيها بأنين الجريح" ... وهكذا، والمصدر منصوب في هذه الأمثلة على الوجه الذي شرحناه١.


١ عرض ابن مالك –بإيجاز– لمواضع حذف عامل المصدر وجوبًا، فقال:
والحذف حتم مع آت بدلًا ... من فعله: كندلًا اللذ كاندلا
أي: الحذف واجب في عامل المصدر الآتي بدلًا وعوضًا عن فعله، ومغنيًا عن التلفظ به؛ مثل: المصدر: "ندلًا" ومعناه: "خطفًا"؛ وهو بمعنى "اندل" في الدلالة على طلب الندل، أي: الخطف، فالمصدر "ندلًا" منصوب بعامله المحذوف "اندل"، ونائب عنه في تأدية معناه، ومتحمل لضميره الفاعل الذي تقديره: أنت، "واللذ: الذي".
ثم قال:
وما لتفصيل: كإما منا ... عامله يحذف حيث عنا
"عنا، أصله: عن، بمعنى: عرض، والألف لوزن الشعر، ويسمونها: ألف الإطلاق؛ لأن الصوت ينطلق من غير حبس، ويمتد؛ فيجيء بها".
يريد: أن عامل المصدر بحذف حيث عرض هذا العامل بشرط أن يدل المصدر على تفصيل أمر مبهم مجمل قبله، وساق لهذا بعض آية تصلح للتمثيل؛ هي قوله تعالى يخاطب المسلمين، في أمر أسرى الكفار المهزومين: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} .
الوثاق – القيد، ومعنى شدة: إحكام ربطه وتمكينه، وموضع الشاهد هو: "منا، وفداء" – التقدير: تمنون منا بإطلاق الأسرى أحرارًا بغير مقابل، أو يفدون أنفسهم فداء، أي: يدفعون الفدية – وهي: التعويض المال أو غيره – في نظير إطلاق سراحهم, ثم قال:
كذا مكرر، وذو حصر، ورد ... نائب فعل لاسم عين استند
أي: يحذف عامل المصدر وجوبًا إذا وقع المصدر نائبا عن فعل محذوف استند لمبتدأ اسم عين. =

<<  <  ج: ص:  >  >>