للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: الأسلوب الذي يكون فيه المصدر مؤكدا لغيره، بأن يكون المصدر واقعا بعد جملة معناها ليس نصا في أمر واحد يقتصر عليه، ولا يحتمل غيره، وإنما يحتمل عدة معان مختلفة، منها المعنى الذي يدل على المصدر عليه قبل مجيئه، فإذا جاء بعدها منع عنها الاحتمال، وأزال التوهم، وصار المعنى نصا في شيء واحد، نحو: هذا بيتي قطعا أي: أقطع برأيي قطعا، فلولا مجيء المصدر: "قطعا" لجاز فهم المعنى على أوجه متعددة بعضها حقيقي، والآخر مجازي......، أقربها: أنه بيتي حقا، أو: أنه ليس بيتي حقيقة، ولكنه بمنزلة بيتي، لكثرة ترددي عليه، أو: ليس بيتي ولكنه يضم أكثر أهلي ... أو: ... ، فمجيء المصدر بعد الجملة قد أزال أوجه الاحتمال والشك، والمجاز، وجعل معناها نصا في أمر واحد١ بعد أن لم يكن نصا.

وهو منصوب بعامله المحذوف وجوبا، وقد ناب عنه بعد حذفه لتأدية معناه. وفاعل المصدر ضمير مستتر فيه، تقديره: أنا، انتقل إليه بعد حذف ذلك العامل ولا يصح -أيضا- في هذا النوع من الأساليب تقديم المصدر "المؤكد" لغيره على تلك الجملة، ولا التوسط بين جزأيها.

ومنها: الأسلوب الذي يكون فيه المصدر دالا على التشبيه بعد جملة مشتملة -إجمالا- على معناه وعلى فاعله المعنوي٢، وليس فيا ما يصلح عاملا غير المحذوف٣


١ ولهذا سمي المؤكد لغيره، أي: للجملة التي قبله، والتي لا تتضمن معناه نصًا؛ لأنه أثر فيها، وجعل معناها نصًا، فصار به مؤكدًا قويًا، لا ضعف فيه ولا احتمال، وقد كان ذلك المعنى ضعيفًا قبل مجيء المصدر.
٢ يراد به الفاعل اللغوي –لا النحوي– وذلك من فعل الشيء حقيقة، ولو لم تنطبق عليه الشروط النحوية للفاعل، كالمغني في المثال الآتي ... ، فهل فاعل معنى للغناء والتصويت، كذلك: "الشجاع" هو فاعل الزئير معنى، لا نحويًا.
٣ جملة الشروط في الحقيقة سبعة: كونه مصدرًا – مشعرًا بأن معناه مما يحدث ويطرأ، وليس أمرًا ثابتًا دائمًا أو كالدائم "أي: أنه ليس من السجايا الثابتة، ولا الأمور الفطرية الملازمة، كالذكاء – الطول – السمنة، فلا يكون مما نحن فيه: لفلان ذكاء ذكاء العبقري: بنصب كلمة: "ذكاء" الثانية؛ لأنها من السجايا – كونه دالًا على التشبيه – بعد جملة – هذه الجملة مشتملة على فاعله المعنوي، وعلى معناه – ليس فيها ما يصلح للعمل.
قال الخضري في هذا المكان: "هذه الشروط لوجوب حذف الناصب إذا نصب، ويجوز معها رفعه؛ بدلًا مما قبله، أو: صفة له؛ بتقدير: "مثل" أو خبرًا لمحذوف، وهل النصب حينئذ أرجح، أو هما سواء؟ قولان ... ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>