ومن العوامل التي دفعت الأمة الى اعتناق الثورة هي ضغط الحكومة الفرنسية نفسها على الشعب وتنكيلها به تنكيلا شديدا ظنا منها أنه يرهب القوى ويتراجع عن الثورة.
ففي بداية الثورة وقفت الأمة الجزائرية منها موقف الحذر والتريث حتى يتضح أمرها غير أن الحكومة الفرنسية اعتبرت الأمة كلها ثائرة من أول وهلة فكان إذا أحدث الثوار شيئا من أعمال التخريب في ناحية ما من نواحي الوطن تسلط عذابها على جميع سكان الناحية لا فرق بين البريء والمتهم، ولا بين صديقها وعدوها فتنكل بأصدقائها الخلص كما تتكل بأعدائها، ولما رأى المحايدون وأصدقاؤها هذه الحالة أصبحوا ثائرين.
وكذلك من الأسباب القوية التي أرغمت الشعب على خوض غمار الثورة، وتأييده لها بكل ما يملك من قوة وجهد المنظمة الإرهابية التي أسسها غلاة المعمرين وأطلقوا عليها اسم اليد الحمراء ...
هذه المنظمة أهلكت الحرث والنسل، وخربت الديار، والبلاد وأتلفت الأموال، وأزهقت الأرواح بالمآت، وعاثت في الأرض فسادا كبيرا، فكانت تدك المنازل دكا، وتدهم السكان ليلا، فتروع النساء والصبيان. وتخطف الشخصيات في لباس النوم.
فتنفد فيهم حكم الاعدام حالا، وكانت تفعل هذه المناكر الوحشية على مرأى ومسمع من الحكومة، فضج الناس من هذه الأعمال الوحشية، وأصبح الناس يلتحقون بالثورة رجالا ونساء وهذه المنظمة الملعونة تأسست في أول الثورة وبقيت الى نهايتها.
ولما تحققت أن الثورة في تصاعد والجيش الفرنسي في حالة عجز عن اخماد الثورة فسلحت السكان الأوربيين وتواطأت مع قادة الجيش الفرنسي على إبادة الشعب فكانت تشحن السيارات بالمتفجرات الشديدة المفعول وتضعها في مراكز العمل، أو في المحلات العامة، فتنفجر هذه المواد، فيسقط الناس بالعشرات موتى وجرحى، والسكان الاوربيون يطلقون النار من الشرفات على المارين في الطريق فيتساقطون ما ترى الا الجثث المنتشرة هنا