للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملوك والأمراء دساتير للحكم مخالفين بذلك أوامر الاسلام تبيح لهم ولأسرتهم وحاشيتهم الحكم المطلق الأبدي، وتجعل البلاد والعباد ملكا للجالس على العرش يتصرف فيها كيف يشاء، ولا يسأل عما يفعل، ولا يحب الانتقاد في شخصيته ولا في كلامه ولا في سلوكه، ولا يستطيع أحد من رعيته أن يحاسبه على أموال الرعية التي تتدفق عليه وعلى من يلوذ به من الأمراء وحاشيتهم ضارين بذلك أوامر الاسلام عرض الحائط تطورت الأحزاب السياسية التي نشأت في صدر الاسلام الى فرق دينية متعصبة لآرائها متطرفة متنابذة مع بعضها بعضا من شيعة، وخوارج، ومعتزلة وباطنية، ومرجئة، وقرامطة وغيرهم.

غرق العالم الاسلامي - حينذاك - في طوفان جامع غصوب من الجدل والخصام والثورات الدامية، ومحاربة بعضهم لبعض، فقضت هذه الفتن الداخلية على وحدته وأذهبت بقوته فكانت السبب الأكبر في انهيار أممه، وسقوط دوله وجمود مجتمعه وتخلفها عن الحياة الحرة الكريمة، وعزلها عن التقدم في العلوم والصناعات.

الحقيقة أن العالم الإسلامي لم يستقر منذ سقوط الخلافة العباسية، من ذلك الوقت، وهو في أخذ ورد، فدولة تسقط، وأخرى تطلع، وشعب ينفجر وآخر يجمد ويستكين، ودولة تسعى لجمع شتات المسلمين فتجد المقاومة الشديدة منهم ويرفعون راية العصيان في وجهها، ودولة تبرز لمحاربه دولة أخرى تستولي عليها بالقوة وتنكل برؤسائها وأمرائهما، وأخرى تعقد حلقا مع دولة أجنبية على محاربة المسلمين، وكل هذه الدول تزعم الاسلام.

الحياة الاقتصادية - في هذا العصر - كانت تعبيرا عن الفساد المنتشر فكانت هناك ثلاثة أنظمه مستعملة، أولا: نظام الالتزام أو الضمان، ثانيا: مصادرة الأموال، ثالثا: اقطاع الأراضي للتجار الاثرياء.

أما نظام الالتزام أو الضمان: هو أن يدفع شخص ما خراج ناحية الى الخليفة وهو يأخذه من سكان هذه الناحية، أو الاقليم، أكثر مما أعطى، أما مصادرة الأموال فقد أصبحت من الأمور المألوفة فشملت كافة رجال الدولة، فكل مسؤول يصادر

<<  <   >  >>