باقية الى يوم الدين، هذه الطائفة هم العلماء العاملون، هم المسلمون الحقيقيون الذين تمسكوا بما ورثوه عن نبيهم صلى الله عليه وسلم هي الصفوة المختارة من الأمة حافظت على الاسلام ونشرته بين الشعوب، وحاولت الاصلاح بين الحكام المتكالبين على حطام الدنيا، والمتعطشين الى سفك الدماء في سبيل الوصول الى أغراضهم الشخصية. وحاولت التوفيق بين الجموع الهائجة والطوائف المارقة، والأحزاب المتنافرة ليوحدوا صفوفهم ويجمعوا كلمتهم ويلتفوا حول الاسلام ليقفوا صفا واحدا في وجه أعداء الله الذين يريدون أن يطفئوا نور الله ولكن بدون جدوى.
هؤلاء العلماء الربانيون اشتغلوا بخدمة كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعضهم قام بالتعليم والتدريس، وبعضهم تصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والدعوة الى الاسلام في كل مكان، وبعضهم خاض غمار الحروب ليذب عن الشريعة الغراء والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله لتكون العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وكانوا يحاربون الظلم مهما كان، ومن أي انسان صدر، فيجهرون بالحق، ويصرخون به في وجه الحكام المتغطرسين، ولا تأخذهم لومة لائم في الله، فلقوا من طرف الولاة، ومن طرف العامة الدهماء أذى كثيرا وبلاء عظيما إلا أنهم صبروا على ذلك احتسابا لربهم واقتداء بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وآخرون تصدوا للتشريع فكانوا يستخرجون الاحكام من الكتاب والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين، والصحابة الكرام، فتركوا تراثا ضخما ورصيدا عظيما من العلوم النافعة يستفيد منها المسلمون وغيرهم.
ولو عمل الملوك والأمراء من ناحيتهم ما عمله العلماء العاملون لما توقف زحف الاسلام (لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
والذي يتتبع حوادث العالم، ويتدبر كيفية انقلاب الأمم.